ـ[عبدالعزيز الداخل]ــــــــ[01 - 05 - 10, 07:20 ص]ـ
وهذه مسألة أخرى تتصل بهذه المسألة وهي المراد بالناس في قوله تعالى: {في صدور الناس}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ): (وقولُه عزَّ وجَلَّ: {يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ}.
فالناسُ ها هنا قد وَقعتْ على الْجِنَّةِ وعلى الناسِ، كقولِك: يُوسوسُ في صُدورِ الناسِ: جِنَّتِهم وناسِهم، وقد قالَ بعضُ العرَبِ وهو يُحَدِّثُ: جاءَ قومٌ مِنَ الْجِنِّ فوَقَفُوا، فقيلَ: مَن أَنْتُم؟ فقالوا: أُناسٌ مِنَ الْجِنِّ، وقد قالَ اللهُ جلَّ وعَزَّ: {إِنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ} فجعَلَ النفَرَ مِنَ الْجِنِّ، كما جَعَلَهم مِنَ الناسِ، فقالَ جلَّ وعَزَّ: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ} فسَمَّى الرجالَ مِنَ الجِنِّ والإنسِ، واللهُ أعلَمُ). [معاني القرآن: 3/ 302]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ بنِ بَشِيرٍ الْحَرْبِيُّ (ت: 285هـ): (وَقَالَ: {الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ}
أَخْبَرَنَا سَلَمَةُ، عَنِ الْفَرَّاءِ قَالَ: وَقَعَ النَّاسُ هَاهُنَا عَلَى الْجِنَّةِ يَقُولُ: في صُدُورِ النَّاسِ جِنِّهِمْ وَنَاسِهِمْ، وَقَالَ بَعْضُ الْعَرَبِ - وَهُوَ يُحَدِّثُ-: فَوَقَفَ عَلَيْهِمْ قَوْمٌ مِنَ الْجِنِّ، فَقَالُوا: مَنْ أَنْتُمْ؟ فَقَالُوا: نَاسٌ مِنَ الْجِنِّ). [غَرِيبُ الْحَدِيثِ: 2/ 421]
قالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ وَهْبٍ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 308هـ): ({الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ} في صدُورِ الإِنْسِ وَالْجِنِّ). [الواضح: 2/ 528]
قالَ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ): (وقولُه: {الَّذِي يُوَسْوِسُ في صُدُورِ النَّاسِ}. يعني بذلك: الشيطانَ الوَسْوَاسَ، الذي يُوَسْوِسُ في صدورِ الناسِ؛ جِنِّهُم وإِنْسِهُم.
فإن قالَ قائِلٌ: فالجنُّ ناسٌ، فيقالُ: الذي يُوَسْوِسُ في صدورِ الناسِ: {مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ}. قِيلَ: قد سَمَّاهُم اللهُ في هذا الموْضِعِ نَاساً، كما سَمَّاهُم في مَوْضِعٍ آخَرَ رِجَالاً، فقالَ: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ}. فجَعَلَ الجنَّ رجالاً، وكذلك جعَلَ مِنْهم ناساً.
وقد ذُكِرَ عن بَعْضِ العربِ أنَّه قالَ وهو يُحَدِّثُ، إذ جاءَ قومٌ مِن الجِنِّ فوَقَفُوا، فقيلَ: مَن أنتم؟ فقالوا: ناسٌ مِن الجِنِّ. فجَعَلَ مِنهم ناساً، فكذلك ما في التنزيلِ مِن ذلك). [جامع البيان: 24/ 756]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ (ت: 328 هـ): (والناسُ حَرْفٌ مِنَ الأضدادِ، يقالُ: ناسٌ للناسِ، وناسٌ مِنَ الجِنِّ.
قالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ}؛ أي: الَّذِي يُوَسْوِسُ في صُدُورِ الناسِ جِنَّتِهِمْ وَنَاسِهِمْ، قالَ الفرَّاءُ: حَدَّثَ بعضُ العربِ قومًا فقالَ: جَاءَ قومٌ من الجنِّ فَوَقَفُوا، فَقِيلَ لهم: مَنْ أَنْتُمْ. فقالُوا: نَحْنُ نَاسٌ مِنَ الجِنِّ). [الأضداد: 328]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ): (وسألتُ عَلِيَّ بنَ سُلَيمانَ عن قولِه عزَّ وجَلَّ: (وَالنَّاسِ) فكيفَ يُعْطَفُونَ على (الجِنَّةِ) وهم لا يُوَسْوِسُونَ؟ فقالَ: هم مَعْطُوفونَ على الوَسْوَاسِ، والتقديرُ: قُلْ أَعُوذُ برَبِّ الناسِ من شَرِّ الوَسْوَاسِ وَالنَّاسِ. والذي قالَ حَسَنٌ، لأَنَّ التقديمَ والتأخيرَ في الواوِ جَائِزٌ حَسَنٌ كَثِيرٌ كما قالَ:
جَمَعْتَ وَفُحْشًا غِيبَةً ونَمِيمَةً
ثَلاثَ خِصَالٍ لَسْتَ عَنْهَا بِمُرْعَوِي
وقالَ حَسَّانُ:
وَمَا زَالَ في الإسلامِ مِن آلِ هَاشِمٍ = دَعَائِمُ غُرٍّ ما تُرَامُ ومَفْخَرُ
وهم جَبَلُ الإسلامِ والناسُ حَوْلَهُم = رِضَامٌ إِلَى طَوْدٍ يَرُوقُ ويَقْهَرُ
بَهَالِيلُ مِنْهُمْ جَعْفَرٌ وَابْنُ أُمِّهِ = عَلِيٌّ ومِنْهُمْ أَحْمَدُ المُتَخَيَّرُ .......... [لعله: يبهر]
¥