تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فحقيقة التعارض في مسألتنا يا أبا محمد ليست بين ظاهر فعل الرجل وباطنه في نفس الأمر ..

بل بين باطن فعله، وظاهر الفعل الذي توهمه الكفار ..

فعدم استلزام الظاهر للباطن الواقع هنا إنما هو عدم استلزام الظاهر الذي توهمه الكفار للباطن الذي يقصده الرجل ..

وهذا لا إشكال فيه فلا يشترط أن يتلازم باطن الفعل مع الظاهر الذي يتوهمه الناس، وإنما الشرط هو تلازم باطن الفعل مع ظاهر الفعل في نفس الأمر ..

و ظاهر فعل الرجل إذا نحينا توهم الكفر كان هو وباطنه متلازمان ..

فحقيقة مراد الشيخ الذي لم ينتبه له لا الذي استدل بهذا النقل ولا حتى الشيخ ناصر الفهد في محاولته تأويل هذا النقل= هو تقرير للون من ألوان المعاريض ..

وأحب هاهنا أن أسوق كلام الشيخ عن المعاريض ملوناً مواضع معينة من تدبر هذه المواضع المعينة وربطها بمسألتنا = أرجو أن يبين له وجه الحق بإذن الله ..

قال الشيخ: ((الْمَعَارِيضُ وَهِيَ أَنْ يَتَكَلَّمَ الرَّجُلُ بِكَلَامٍ جَائِزٍ يَقْصِدُ بِهِ مَعْنًى صَحِيحًا وَيَتَوَهَّمُ غَيْرُهُ أَنَّهُ قَصَدَ بِهِ مَعْنًى آخَرَ , وَيَكُونُ سَبَبُ ذَلِكَ التَّوَهُّمِ كَوْنَ اللَّفْظِ مُشْتَرَكًا بَيْنَ حَقِيقَتَيْنِ لُغَوِيَّتَيْنِ أَوْ عُرْفِيَّتَيْنِ , أَوْ شَرْعِيَّتَيْنِ , أَوْ لُغَوِيَّةٍ مَعَ أَحَدِهِمَا , أَوْ عُرْفِيَّةٍ مَعَ شَرْعِيَّةٍ فَيَعْنِي أَحَدَ مَعْنَيَيْهِ وَيَتَوَهَّمُ السَّامِعُ أَنَّهُ إنَّمَا عَنَى الْآخَرَ لِكَوْنِ دَلَالَةِ الْحَالِ تَقْتَضِيهِ , أَوْ لِكَوْنِهِ لَمْ يَعْرِفْ إلَّا ذَلِكَ الْمَعْنَى , أَوْ يَكُونُ سَبَبُ التَّوَهُّمِ كَوْنَ اللَّفْظِ ظَاهِرًا فِيهِ مَعْنًى فَيَعْنِي بِهِ مَعْنًى يَحْتَمِلُهُ بَاطِنًا فِيهِ بِأَنْ يَنْوِيَ مَجَازَ اللَّفْظِ دُونَ حَقِيقَتِهِ , أَوْ يَنْوِيَ بِالْعَامِّ الْخَاصَّ أَوْ بِالْمُطْلَقِ الْمُقَيَّدَ , أَوْ يَكُونَ سَبَبُ التَّوَهُّمِ كَوْنَ الْمُخَاطَبِ إنَّمَا يَفْهَمُ مِنْ اللَّفْظِ غَيْرَ حَقِيقَتِهِ بِعُرْفٍ خَاصٍّ لَهُ , أَوْ غَفْلَةٍ مِنْهُ , أَوْ جَهْلٍ مِنْهُ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَسْبَابِ [وفي مسألتنا سبب التوهم هو كون الرجل سجد قدام الوثن فأوهم أنه يسجد له] مَعَ كَوْنِ الْمُتَكَلِّمِ إنَّمَا قَصَدَ حَقِيقَتَهُ [أي قصد حقيقة السجود لله فسجد له].

فَهَذَا - إذَا كَانَ الْمَقْصُودُ بِهِ دَفْعَ ضَرَرٍ غَيْرِ مُسْتَحَقٍّ - جَائِزٌ كَقَوْلِ الْخَلِيلِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " هَذِهِ أُخْتِي " , وَقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ** نَحْنُ مِنْ مَاءٍ} وَقَوْلِ الصِّدِّيقِ: رَجُلٌ يَهْدِينِي السَّبِيلَ , وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إذَا أَرَادَ غَزْوَةً وَرَّى غَيْرَهَا , وَكَانَ يَقُولُ: ** الْحَرْبُ خَدْعَةٌ}

وَقَدْ يَكُونُ وَاجِبًا إذَا كَانَ دَفْعُ ذَلِكَ الضَّرَرِ وَاجِبًا وَلَا يَنْدَفِعُ إلَّا بِذَلِكَ مِثْلُ التَّعْرِيضِ عَنْ دَمٍ مَعْصُومٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ , وَتَعْرِيضُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَدْ يَكُونُ مِنْ هَذَا السَّبِيلِ.

وَهَذَا الضَّرْبُ نَوْعٌ مِنْ الْحِيَلِ فِي الْخِطَابِ , لَكِنَّهُ يُفَارِقُ الْحِيَلَ الْمُحَرَّمَةَ مِنْ الْوَجْهِ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ وَالْوَجْهِ الْمُحْتَالِ بِهِ: أَمَّا الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ هُنَا فَهُوَ دَفْعُ ضَرَرٍ غَيْرِ ضَرَرٍ مُسْتَحَقٍّ , فَإِنَّ الْجَبَّارَ كَانَ يُرِيدُ أَخْذَ امْرَأَةِ إبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ عَلِمَ أَنَّهَا امْرَأَتُهُ , وَهَذَا مَعْصِيَةٌ عَظِيمَةٌ وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ الضَّرَرِ , وَكَذَلِكَ بَقَاءُ الْكُفَّارِ غَالِبِينَ عَلَى الْأَرْضِ , أَوْ غَلَبَتُهُمْ لِلْمُسْلِمِينَ مِنْ أَعْظَمِ الْفَسَادِ فَلَوْ عَلِمَ أُولَئِكَ الْمُسْتَجِيرُونَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَتَرَتَّبَ عَلَى عِلْمِهِمْ شَرٌّ طَوِيلٌ , وَكَذَلِكَ عَامَّةُ الْمَعَارِيضِ الَّتِي يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ بِهَا فَإِنَّ عَامَّتَهَا إنَّمَا جَاءَتْ حَذَرًا مِنْ تَوَلُّدِ شَرٍّ عَظِيمٍ عَلَى الْأَخْبَارِ .. فكُلُّ مَا

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير