ب)) الإستعمال: فهو التلبُّس بالانتفاع به، بمعنى أن يستعمله فيما يستعمل فيه./60
ج)) الاتِّخاذ: هو أن يقتنيَه فقط إما للزِّينة، أو لاستعماله في حالة الضَّرورة، أو للبيع فيه والشِّراء، وما أشبه ذلك/59
الاتِّخاذ فهو على المذهب حرام، وفي المذهب قول آخر، وهو محكِّيٌ عن الشَّافعي ـ رحمه الله ـ أنه ليس بحرام./61
ورجح الشيخ فيهما فقال " والصَّحيح: أن الاتِّخاذ والاستعمال في غير الأكل والشُّرب ليس بحرام؛ لأن النبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ نهى عن شيء مخصوص وهو الأكل والشُّرب، ولو كان المحرَّم غيرَهما لكان النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ـ وهو أبلغُ النَّاس، وأبينهم في الكلام ـ لا يخصُّ شيئاً دون شيء، بل إن تخصيصه الأكل والشرب دليل على أن ما عداهما جائز؛ لأنَّ النَّاس ينتفعون بهما في غير ذلك.
ولو كانت حراماً مطلقاً لأَمَرَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بتكسيرها، كما كان النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ لا يدعُ شيئاً فيه تصاوير إلا كسره أو هتكه، لأنها إذا كانت محرَّمة في كل الحالات ما كان لبقائها فائدة.
ويدلُّ لذلك أن أمَّ سلمة ـ وهي راوية الحديث ـ كان عندها جُلجُل من فِضَّة جعلت فيه شعَرات من شعر النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فكان الناس يستشفون بها، فيُشفون بإذن الله، وهذا في "صحيح البخاري" وهذا استعمال في غير الأكل والشُّرب.
فإن قال قائل: خصَّ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الأكل والشرب لأنَّه الأغلب استعمالاً؛ وما علَّق به الحكم لكونه أغلب لا يقتضي تخصيصه به كقوله تعالى: وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم (النساء: 23) فتقييد تحريم الرَّبيبة بكونها في الحجر لا يمنع التَّحريم، بل تَحرُمُ، وإن لم تكن في حِجره على قول أكثر أهل العلم؟ قلنا: هذا صحيح، لكن كون الرَّسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يُعلِّق الحكم بالأكل والشُّرب؛ لأن مُظْهَرَ الأمة بالتَّرف في الأكل والشُّرب أبلغُ منه في مظهرها في غير ذلك، وهذه عِلَّة تقتضي تخصيص الحكم بالأكل والشُّرب، لأنه لا شكَّ أنَّ الذي أوانيه في الأكل والشُّرب ذهب وفِضَّة، ليس كمثل من يستعملها في حاجات تَخْفَى على كثير من النَّاس./62 - 63
هل الحكم خاص بالرجال ام يشمل النساء؟
يشمل الرِّجال والنِّساء، فلا يجوز للمرأة أواني الذَّهب والفِضَّة.
فإن قيل: أليس يجوز للمرأة أن تتحلَّى بالذَّهب؟
فالجواب: بلى، ولكن الرَّجل لا يجوز له ذلك.
فإن قيل: فما الفرق بين اتِّخاذ الحُلي واتِّخاذ الآنية واستعمالها فأُبيح الأوَّل دون الثاني؟
فالجواب: أنَّ الفرق أنَّ المرأة بحاجة إلى التجمُّل، وتجمُّلها ليس لها وحدها، بل لها ولزوجها، فهو من مصلحةِ الجميع، والرَّجل ليس بحاجة إلى ذلك فهو طالب لا مطلوب، والمرأة مطلوبة، فمن أجل ذلك أُبيح لها التحلِّي بالذَّهب دون الرَّجل، وأما الآنية فلا حاجة إلى إباحتها للنِّساء فضلاً عن الرِّجال./63
إذا ما حكم الطهارة بآنيةَ الذهب والفضَّة؟
قال " الطَّهارة تصح ُّمن آنية الذهب والفِضَّة، وبها، وفيها، وإليها.
منها: بأن يغترف من الآنية.
بها: أي يجعلها آلةً يصبُّ بها، أي: يغرف بآنية من ذهب فيصبُّ على رجليه، أو ذراعه.
فيها: بمعنى أن تكون واسعة ينغمس فيها.
إليها: بأن يكون الماء الذي ينزل منه؛ ينزل في إناء من ذهب"./63 - 64
8/ المضبَّب بهما أي بالذَّهب والفِضَّة:
الضبَّةُ: التي أخذ منها التضبيب، وهي شريطٌ يَجْمَعُ بين طرفي المنكسر، فإذا انكسرت الصَّحْفَةُ من الخشب يخرزونها خرزاً
ورد في حديثٍ رواه الدَّارقطني: "إنَّه من شَرِب في آنية الذَّهب والفِضَّة، أو في شيء فيه منهما".
وأيضاً: المحرَّم مفسدةٌ، فإن كان خالصاً فمفسدتُه خالصة، وإن لم يكن خالصاً ففيه بقدْرِ هذه المفسدة.
ولهذا فكلُّ شيء حرَّمه الشَّارع فقليله وكثيره حرام؛ لقول النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: "وما نهيتكم عنه فاجتنبوه".//61
فشروطُ الجواز أربعةٌ:
1ـ أن تكون ضبَّةً.2ـ أن تكون يسيرةً.
3ـ أن تكون من فضَّةٍ 4ـ أن تكون لحاجةٍ.
والدَّليل على ذلك: ما ثبت في "صحيح البخاري" من حديث أنس رضي الله عنه: "أن قدح النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ انكسر فاتَّخذ مكان الشَّعْب سلسلة من فِضَّة"/64
¥