تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لكن صاحب "الفروع" ـ رحمه الله ـ وهو من أشهر تلاميذ شيخ الإسلام رحمه الله ـ ولا سيَّما في الفقه - يقول: "يتوجَّه لا": والمعنى: أنه يرى أن الأوجه بناءً على المذهب، أو على القول الرَّاجح عنده أنَّه ليس دباغاً. وما قاله متوجِّه؛ لأن المُصْرَان والكِرْش من صُلب الميتة. والصَّواب ما ذهب إليه صاحب "الفروع".

*********هـ/عظم الميتة************************

عظم الميتة، على ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وهو أحد القولين في المذهب أنه طاهر، ويُستَدَلُّ لذلك: بأنَّ العظم وإن كان يتألَّم ويحسُّ لكنه ليس فيه الحياة الكاملة، ولا يحُلُّه الدَّم، وليس له حياة إلا بغيره، فهو يشبه الظُّفر والشَّعر وما أشبه ذلك، وليس كبقية الجسم. ويُقالُ أيضاً: إنَّ مدار الطَّهارة والنَّجاسة على الدَّم؛ ولهذا كان ما ليس له نَفْسٌ سائلة طاهراً.

ولكن الذي يظهر أن المذهب في هذه المسألة هو الصَّواب؛ لأن الفرق بين العظم وبين ما ليس له نَفْسٌ سائلة أن الثاني حيوان مستقل، وأما العظم فكان نجساً تبعاً لغيره؛ ولأنَّه يتألّم فليس كالظُّفر أو الشَّعر، ثم إن كونه ليس فيه دم محلُّ نظر؛ فإن الظّاهر أن فيه دماً كما قد يُرى في بعض العظام.

*********هـ/لبن الميتة**************************

لبن الميتة نجس، وإن لم يتغيَّر بها؛ لأنه مائع لاقى نجساً فتنجَّس به؛كما لو سقطت فيه نجاسة ـ وإلا فهو في الحقيقة منفصل عن الميتة قبل أن تموت ـ لكنهم قالوا: إنها لمَّا ماتت صارت نجسةً، فيكون قد لاقى نجاسةً فتنجَّس بذلك.

واختار شيخ الإسلام أنَّه طاهر بناءً على ما اختاره من أن الشيء لا ينجس إلا بالتغيُّر، فقال: إن لم يكن متغيِّراً بدم الميتة، وما أشبه ذلك فهو طاهر.

والذي يظهر لي رجحانه في هذه المسألة هو المذهب؛ لأنَّه وإن انفصل واجتمع في الضَّرع قبل أن تموتَ فإنه يسير بالنسبة إلى ما لاقاه من النَّجاسة، لأنها محيطة به من كل جانب، وهو يسير، ثم إن الذي يظهر سريان عُفونة الموت إلى هذا اللَّبن؛ لأنه ليس كالماء في قُوَّة دفع النَّجَاسة عنه.

*********هـ/وماكان خارج الجلد طاهر**************

كالصُّوف للغنم، والوبر للإبل، والرِّيش للطيور، والشَّعر للمَعْز والبقر، وما أشبهها.

*********و/الجلد ****************************

الجلد وهو طبقة بينهما، وحكمه بين القسمين السَّابقين ومضى ذكره

*********ز/ ما أُبين من حيٍّ فهو كميتته***********

كميتته" يعني: طهارة، ونجاسة، حِلاً، وحُرمة، فما أُبينَ من الاّدمي فهو طاهر، حرام لحرمته لا لنجاسته، وما أُبين من السَّمك فهو طاهر حلال، وما أبين من البقر فهو نجس حرام، لأنَّ ميتتها نجسة حرام، ولكن استثنى فقهاؤنا ـ رحمهم الله تعالى ـ مسألتين:

(الأولى): الطَّريدة: فعيلة بمعنى مفعولة، وهي الصيد يطرده الجماعة فلا يدركونه فيذبحوه، لكنهم يضربونه بأسيافهم أو خناجرهم، فهذا يقطع رِجْلَه، وهذا يقطع يده، وهذا يقطع رأسه حتى يموت، وليس فيها دليل عن النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إلا أن ذلك أُثِرَ عن الصَّحابة رضي الله عنهم.

قال الإمام أحمد ـ رحمه الله: ـ كانوا يفعلون ذلك في مغازيهم، ولا يرون به بأساً، والحكمة في هذا ـ والله أعلم ـ: أن هذه الطَّريدة لا يُقدَرُ على ذبحها، وإذا لم يُقدَرْ على ذبحها، فإنها تحِلُّ بعقرها في أي موضع من بدنها، فكما أنَّ الصَّيد إذا أصيب في أي مكان من بدنه ومات فهو حلال؛ فكذلك الطَّريدة؛ لأنها صيد إلا أنها قطعت قبل أن تموت.

قال أحمد: "فإن بقيت"، أي: قطعنا رجلها، ولكن هربت ولم ندركها؛ فإن رجلها حينئذ تكون نجسة حراماً؛ لأنها بانت من حَيٍّ ميتتة نجسة.

(الثانية): المِسْك وفأرته، ويكون من نوع من الغزلان يُسمَّى غزال المسك.

يُقال: إنهم إذا أرادوا استخراج المِسْكِ، فإنهم يُركِضُونه فينزل منه دم من عند سُرَّته، ثم يأتون بخيط شديد قويٍّ فيربطون هذا الدم النازل ربطاً قويًّا من أجل أن لا يتَّصل بالبدن فيتغذَّى بالدَّم، فإذا أخذ مدَّة فإنه يسقط، ثم يجدونه من أطيب المسك رائحة.

وهذا الوعاء يُسمَّى فأرة المِسْك، والمِسْكُ هو الذي في جوفه، فهذا انفصل من حَيٍّ وهو طاهر على قول أكثر العلماء. ولهذا يقول المتنبي:

فإنْ تَفُقِ الأنامَ وأنت منهمفإنَّ المِسْكَ بعضُ دم الغزال

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير