تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أنه يجوز إمساك بغي. وكان المنافقون يقصدون بالكلام فيها الطعن في الرسول، ولو جاز التزوج ببغي لقال: هذا لا حرج علي فيه، كما كان النساء أحياناً يؤذينه حتى يهجرهن، فليس ذنوب المرأة طعناً، بخلاف بغائها فإنه طعن فيه عند الناس قاطبة، ليس أحد يدفع الذم عمن تزوج بمن يعلم أنها بغية مقيمة على البغاء، ولهذا توسل المنافقون إلى الطعن حتى أنزل الله براءتها من السماء، وقد كان سعد بن معاذ لما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من يعذرني من رجل بلغني أذاه في أهلي؟! والله ما علمت على أهلي إلا خيراً، ولقد ذكروا رجلاً ما علمت عليه إلا خيراً" فقام: سعد بن معاذ - الذي اهتز لموته عرش الرحمن فقال: أنا أعذرك منه: إن كان من أخواننا من الأوس ضربت عنقه، وإن كان من إخواننا الخزرج أمرتنا ففعلنا فيه أمرك، فأخذت سعد بن عبادة غيرة قالت عائشة: وكان قبل ذلك أمرأ صالحاً، ولكن أخذته حمية، لأن ابن أبي كان كبير قومه [فقال] كذبت لعمر الله لا تقتله، ولا تقدر على قتله. فقام أسيد بن حضير فقال: كذبت لعمر الله لنقتلنه، فإنك منافق تجادل عن المنافقين. وثار الحيان حتى نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم. فجعل يسكنهم. فلولا أن ما قيل في عائشة طعن في النبي صلى الله عليه وسلم لم يطلب المؤمنون قتل من تكلم بذلك من الأوس والخزرج لقذفه لامرأته ولهذا كان من قذف أم النبي صلى الله عليه وسلم يقتل. لأنه قدح في نسبه وكذلك من قذف نساءه يقتل، لأنه قدح في دينه وإنما لم يقتلهم النبي صلى الله عليه وسلم لأنهم تكلموا بذلك قبل أن يعلم براءتها، وأنها من أمهات المؤمنين اللاتي لم يفارقهن عليه إذا كان يمكن أن يطلقها فتخرج بذلك من هذه الأمومة في أظهر قولي العلماء، فإن فيمن طلقها النبي صلى الله عليه وسلم «ثلاثة» أقوال في مذهب أحمد وغيره.

ـ[ Abou Anes] ــــــــ[16 - 04 - 02, 02:33 م]ـ

«أحدها» أنها ليست من أمهات المؤمنين.

«والثاني»: أنها من أمهات المؤمنين.

«والثالث»: يفرق بين المدخول بها وغير المدخول بها. والأول أصح، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما خير نساءه بين الإمساك والفراق وكان المقصود لمن فارقها أن يتزوجها غيره. فلو كان هذا مباحاً لم يكن ذلك قدحاً في دينه.

وبالجملة فهذه المسألة في قلوب المؤمنين أعظم من أن تحتاج إلى كثرة الأدلة فإن الإيمان والقرآن يحرم مثل ذلك، لكن لما كان قد أباح مثل ذلك كثير من علماء المسلمين الذين لا ريب في علمهم ودينهم من التابعين ومن بعدهم وعلو قدرهم بنوع تأويل تأولوه احتيج إلى البسط في ذلك، ولهذا نظائر كثيرة: يكون القول ضعيفاً جداً، وقد اشتبه أمره على كثير من أهل العلم والإيمان وسادات الناس، لأن الله لم يجعل العصمة عند تنازع المسلمين إلا في الرد إلى الكتاب والسنة، وكل أحد يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق على الهوى.

فإن قيل: فقد قال: "الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة"؟ قيل: هذا يدل على أن الزاني الذي لم يتب لا يجوز أن يتزوج عفيفة، كما هو إحدى الروايتين عن أحمد، فإنه إذا كان يطأ هذه وهذه وهذه كما كان: كان وطؤه لهذه من جنس وطئه لغيرها من الزواني، وقد قال الشعبي: من زوج كريمته من فاجر فقد قطع رحمها.

و «أيضاً» فإنه إذا كان يزني بنساء الناس كان هذا مما يدعو المرأة إلى أن تمكن منها غيره، كما هو الواقع كثيراً، فلم أر من يزني بنساء الناس أو ذكر أن إلا فيحمل امرأته على أن تزني بغيره مقابلة على ذلك ومغايظة.

و «أيضاً» فإذا كان عادته الزنا استغنى بالبغايا، فلم يكف امرأته في الإعفاف فتحتاج إلى الزنا.

و «أيضاً» فإذا زنى بنساء الناس طلب الناس أن يزنوا بنساءه، كما هو الواقع، فامرأة الزاني تصير زانية من وجوه كثيرة، وإن استحلت ما حرمه الله كانت مشركة، وإن لم تزن بفرجها زنت بعينها وغير ذلك، فلا يكاد يعرف في نساء الرجال الزناة المصرين على الزنا الذين لم يتوبوا منه امرأة سليمة سلامة تامة، وطبع المرأة يدعو إلى الرجال الأجانب إذا رأت زوجها يذهب إلى النساء الأجانب، وقد جاء في الحديث: "بروا آباءكم تبركم أبناؤكم، وعفوا تعف نساؤكم". فقوله: "الزاني لا ينكح إلا زانية" إما أن يراد أن نفس نكاحه ووطئه لها

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير