تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

زنا، أو أن ذلك يفضي إلى زناها. وأما الزانية فنفس وطئها مع إصرارها على الزنا زنا.

وكذلك " المحصنات من المؤمنات ": الحرائر، وعن ابن عباس: هن العفائف. فقد نقل عن ابن عباس تفسير " المحصنات " بالحرائر. وبالعفائف وهذا حق. فنقول مما يدل على ذلك قوله تعالى: " يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات وما علمتم من الجوارح مكلبين تعلمونهن مما علمكم الله فكلوا مما أمسكن عليكم واذكروا اسم الله عليه واتقوا الله إن الله سريع الحساب * اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ". «المحصنات» قد قال أهل التفسير: هن العفائف. هكذا قال الشعبي، والحسن والنخعي والضحاك، والسدي.

وعن ابن عباس: هن الحرائر. ولفظ (المحصنات) إن أريد به «الحرائر» فالعفة داخلة في الإحصان بطريق الأولى، فإن أصل المحصنة هي العفيفة التي أحصن فرجها، قال الله تعالى: " ومريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها " وقال تعالى: "إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات" وهن العفائف، قال حسان بن ثابت.

حصان رزان ما تزن بريبة_وتصبح غرثى من لحوم الغوافل

ثم عادة العرب أن الحرة عندهم لا تعرف الزنا، وإنما تعرف بالزنا الإماء ولهذا لما بايع النبي صلى الله عليه وسلم هند امرأة أبي سفيان على ألا تزني قالت: أو تزني الحرة؟! فهذا لم يكن معروفاً عندهم. والحرة خلاف الأمة صارت في عرف العامة أن الحرة هي العفيفة، لأن الحرة التي ليست أمة كانت معروفة عندهم بالعفة، صار لفظ الإحصان يتناول الحرية مع العفة، لأن الإماء لم تكن عفائف، وكذلك الإسلام هو ينهي عن الفحشاء والمنكر وكذلك المرأة المتزوجة زوجها يحصنها، لأنها تستكفي به، ولأنه يغار عليها. فصار لفظ «الإحصان» يتناول: الإسلام، والحرية، والنكاح. وأصله إنما هو العفة، فإن العفيفة هي التي أحصن فرجها من غير صاحبها، كالمحصن الذي يمتنع من غير أهله، وإذا كان الله إنما أباح من المسلمين وأهل الكتاب نكاح المحصنات، «والبغايا» لسن محصنات: فلم يبح الله نكاحهن.

ومما يدل على ذلك قوله: " إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان " والمسافح الزاني الذي يسفح ماءه مع هذه وهذه وكذلك المسافحة والمتخذة الخدن الذي تكون له صديقة يزني بها دون غيره فشرط في الحل أن يكون الرجل غير مسافح، ولا متخذ خدن. فإذا كانت المرأة بغياً وتسافح هذا وهذا لم يكن زوجها محصناً لها عن غيره، إذ لو كان محصناً لها كانت محصنة، وإذا كانت مسافحة لم تكن محصنة. والله إنما أباح النكاح إذا كان الرجال محصنين غير مسافحين، وإذا شرط فيه أن لا يزني بغيرها فلا يسفح ماءه مع غيرها كان أبلغ، وأبلغ. وقال أهل اللغة: «السفاح» الزنا. قال ابن قتيبة (محصنين) أي متزوجين (غير مسافحين) قال: وأصله من سفحت القربة إذا صببتها. فسمى «الزنا» سفاحاً، لأنه يصب النطفة، وتصب المرأة النطفة. وقال ابن فارس: «السفاح» صب الماء بلا عقد ولا نكاح، فهي التي تسفح ماءها. وقال الزجاج: (محصنين) أي عاقدين التزوج.

وقال غيرهما: متعففين غير زانين، وكذلك قال في النساء: " وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين ". ففي هاتين الآيتين اشترط أن يكون الرجال محصنين غير مسافحين بكسر الصاد. «والمحصن» هو الذي يحصن غيره، ليس هو المحصن بالفتح الذي يشترط في الحد. فلم يبح إلا تزوج من يكون محصناً للمرأة غير مسافح ومن تزوج ببغي مع بقائها على البغاء ولم يحصنها من غيره بل هي كما كانت قبل النكاح تبغي مع غيره فهو مسافح بها لا محصن لها. وهذا حرام بدلالة القرآن.

فإن قيل: إنما أراد بذلك إنك تبتغي بمالك النكاح لا تبتغي به السفاح فتعطيها المهر على أن تكون زوجتك ليس لغيرك فيها حق، بخلاف ما إذا أعطيتها على أنها مسافحة لمن تريد، وإنها صديقة لك تزني بك دون غيرك فهذا حرام؟

قيل: فإذا كان النكاح مقصوده أنها تكون له، لا لغيره، وهي لم تتب من الزنا: لم تكن موفية بمقتضى العقد؟

فإن قيل: فإنه يحصنها بغير اختيارها، فيسكنها حيث لا يمكنها الزنا؟

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير