قيل: أما إذا أحصنها بالقهر فليس هو بمثل الذي يمكنها من الخروج إلى الرجال، ودخول الرجال إليها، لكن قد عرف بالعادات والتجارب أن المرأة إذا كانت لها إرادة في غير الزوج احتالت إلى ذلك بطرق كثيرة وتخفي على الزوج، وربما أفسدت عقل الزوج بما تطعمه، وربما سحرته أيضاً، وهذا كثير موجود: رجال أطعمهم نساؤهم، وسحرتهم نساؤهم، حتى يمكن المرأة أن تفعل ما شاءت، وقد يكون قصدها مع ذلك أن لا يذهب هو إلى غيرها: فهي تقصد منعه من الحلال، أو من الحرام والحلال. وقد تقصد أن يمكنها أن تفعل ما شاءت فلا يبقى محصناً لها قواماً عليها، بل تبقى هي الحاكمة عليه. فإذا كان هذا موجوداً فيمن تزوجت ولم تكن بغياً: فكيف بمن كانت بغياً؟! والحكايات في هذا الباب كثيرة. ويا ليتها مع التوبة يلزم معه دوام التوبة: فهذا إذا أبيح له نكاحها، وقيل له: أحصنها، واحتفظ أمكن ذلك. أما بدون التوبة فهذا متعذر أو متعسر.
ولهذا تكلموا في توبتها فقال ابن عمر وأحمد بن حنبل: يراودها على نفسها. فإن أجابته كما كانت تجيبه لم تتب. وقالت طائفة منهم أبو محمد: لا يراودها، لأنها قد تكون تابت فإذا راودها نقضت التوبة، ولأنه يخاف عليه إذا راودها أن يقع في ذنب معها. والذين اشترطوا امتحانها قالوا: لا يعرف صدق توبتها بمجرد القول، فصار كقوله: "يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن" و «المهاجر» قد يتناول التائب، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "المهاجر من هجر ما نهى الله عنه، والمهاجر من هجر السوء" فهذه إذا ادعت أنها هجرت السوء امتحنت على ذلك، وبالجملة لا بد أن يغلب على قلبه صدق توبتها.
وقوله تعالى: "ولا متخذي أخدان" حرم به أن يتخذ صديقة في السر تزني معه لا مع غيره، وقد قال سبحانه في آية الإماء: "ومن لم يستطع منكم طولاً أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات والله أعلم بإيمانكم بعضكم من بعض فانكحوهن بإذن أهلهن وآتوهن أجورهن بالمعروف محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب" فذكر في «الإماء» محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان، وأما «الحرائر» فاشترط فيهن أن يكون الرجال محصنين غير مسافحين، وذكر في المائدة "ولا متخذي أخدان" لما ذكر نساء أهل الكتاب، وفي النساء لم يذكر إلا غير مسافحين، وذلك أن الإماء كن معروفات بالزنا دون الحرائر، فاشترط في نكاحهن أن يكن محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان، فدل ذلك أيضاً على الأمة التي تبغي لا يجوز تزوجها إلا إذا تزوجها على أنها محصنة يحصنها زوجها، فلا تسافح الرجال ولا تتخذ صديقاً. وهذا من أبين الأمور في تحريم نكاح الأمة الفاجرة مع ما تقدم.
وقد روي عن ابن عباس (محصنات) عفائف غير زوان (ولا متخذات أخدان) يعني أخلاء: كان أهل الجاهلية يحرمون ما ظهر من الزنا ويستحلون ما خفي. وعنه رواية أخرى: «المسافحات» المعلنات بالزنا «والمتخذات أخدان» ذوات الخليل الواحد. قال بعض المفسرين: كانت المرأة تتخذ صديقاً تزني معه ولا تزني مع غيره. فقد فسر ابن عباس هو وغيره من السلف المحصنات بالعفائف، وهو كما قالوا، وذكروا أن الزنا في الجاهلية كان نوعين: نوعاً مشتركاً، ونوعاً مختصاً.
والمشترك ما يظهر في العادة، بخلاف المختص فإنه مستتر في العادة. ولما حرم الله المختص وهو شبيه بالنكاح، فإن النكاح تختص فيه المرأة بالرجل: وجب الفرق بين النكاح الحلال والحرام من اتخاذ الأخدان، فإن هذه إذا كان يزني بها وحدها لم يعرف أنها [لم يطأها غيره] ولم يعرف أن الولد الذي تلده منه، ولا يثبت لها خصائص النكاح.
ـ[هيثم حمدان.]ــــــــ[16 - 04 - 02, 04:53 م]ـ
بارك الله فيك أخي أبا أنس.
لم أجد في كلام شيخ الإسلام الذي تفضّلت بنقله ما يدلّ على التفريق بين من هي مداومة لارتكاب الزنا ومن قد زنت من قديم ثم توقّفت عن ذلك.
أقول هذا لما هو منتشر في الغرب من زواج المسلمين بالنصرانيات.
ـ[أبو الوليد الجزائري]ــــــــ[10 - 04 - 03, 07:51 م]ـ
نعم ـ ـ ـ ياتينا كثير من الشباب المسلمين الذين فتنوا في هذه الديار المشؤومة ولم ترض المسلمات بزواجهم فلا يزالون في صراع شديد مع النفس والشيطان ـ نعوذ بالله من شرهما ـ ثم لا يجدون ملاذا الا عند الكتابيات ان صح وصفهن بذلك وهن لا يرتضين الزواج من اول يوم بل تطلب معاشرته اشهرا حتى تثق في احسانه لعمل الفراش!! ولولا ان الامر مهم جدا ما ذكرته ههنا فان كثيرا جدا جدا من هؤلاء المبتلين -عافانا الله واياهم- كانوا من خيرة الاخوة المسلمين_ نحسبهم _لجؤوا الى هذه الديار فرارا بجلدهم ...... فهؤلاء اذا جاؤوا للعقد الشرعي ماذا نقول لهم مع العلم انه ان ترك صاحبته هذه بحثت عن غيره فهي غير تائبة اما هو فما اتى ليعقد عليها شرعا الا ليسلم مع الله ـ ـ افتونا ماجورين بارك الله فيكم
¥