الفصل الخامس: فائدة التعبير به.
ثم ذيلت ذلك بخاتمة بينت فيها أهم النتائج في الفصول السابقة.
وفي الختام، فإن هذا العمل لا أدعي له الكمال والعصمة، وحسبي أني اجتهدت قدر طاقتي ووسعي مبتغياً الصواب مجتنباً خلافه، فإن كان ما أردت فلله الحمد أولاً وآخراً، وإن كانت الأخرى فأستغفر الله، وأنا عائد للصواب بإذنه تعالى، فلا تبخل أيها الأخ الباحث، والقارئ الفاحص بما ظهر لك وهديت إليه على أخيك، وجزاك الله خيراً، وفق الله الجميع للعلم النافع والعمل الصالح، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تمهيد:
وفيه مباحث:
المبحث الأول: معنى الرواية، وفيه مطلبان:
المطلب الأول: معنى الرواية لغة.
الرواية: مصدر رَوَى يَرْوِي رِواية، وتطلق الرواية ويراد بها تحمل الحديث أو الشعر ونحوهما، ونقله
جاء في لسان العرب ([15]): «ويقال: روَّى فلان فلاناً شعراً إذا رواه له حتى حفظه للرواية عنه».
وفي المصباح المنير ([16]): «رويت الحديث: إذا حملته ونقلته ... ».
«وروَّاه الشعر تَرْوِ يةً، وأروَاه أيضاً: حَمَله على رِوَايته» ([17]).
المطلب الثاني: معنى الرواية اصطلاحاً:
يختلف المعنى الاصطلاحي للرواية تبعاً لاختلاف الفنون، فعلى سبيل المثال الرواية تختلف عند المحدثين عنها عند الفقهاء، فعلم الرواية عند المحدثين ([18]) هو: «علم يشتمل على أقوال النبي ـ e ـ وأفعاله، وروايتها، وضبطها، وتحرير ألفاظها» ([19]).
وأما علم الرواية عند الفقهاء فيختلف باختلاف المذاهب، ففي المذهب الحنبلي الرواية هي: ما نقلت نصاّ عن الإمام أحمد ([20])، أو إيماء أو تخريجاً.
جاء في المسودة ([21]): «الروايات المطلقة نصوص للإمام أحمد».
وقال ابن حمدان ([22]): «ثم الرواية قد تكون نصاً، أو إيماءً، أو تخريجاً من الأصحاب» ([23])
وفي شرح المنتهى ([24]): «الحكم المروي عن الإمام في مسألةٍ يسمى رواية».
وفي المذهب الحنفي نجد ما يسمى بـ (ظاهر الرواية)، «وهي مسائل رويت عن أصحاب المذهب، وهم: أبو حنيفة، وأبو يوسف ([25])، ومحمد ([26]) ـ رحمهم الله تعالى ـ ... » ([27]).
وقد يلحق بهم غيرهم، «ولكن الغالب الشائع في ظاهر الرواية أن يكون قول الثلاثة، وكتب ظاهر الرواية كتب محمد الستة: المبسوط، والزيادات، والجامع الصغير، والسير الصغير، والجامع الكبير؛ وإنما سميت بظاهر الرواية لأنها رويت عن محمدٍ بروايات الثقات، فهي ثابتةٌ عنه إما متواترة أو مشهورة عنه» ([28]).
ومما تقدم يظهر الفرق بين معنى الرواية عند الحنابلة عنها عند الحنفية، فعند الحنابلة تطلق على ما روي عن الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ فحسب، وعند الحنفية تطلق ـ في الغالب ـ على ما روي عن الإمام أبي حنيفة و صاحبيه ـ رحمهم الله ـ.
المبحث الثاني: معنى الجماعة، وفيه مطلبان:
المطلب الأول: معنى الجماعة لغة:
الجماعة: تطلق على الجماعة من الناس وغيرهم، يقال: جَمَع الشيء المفترق فاجتمع، وتجمَّع القوم إذا اجتمعوا من هنا وهنا ([29]).
جاء في المصباح المنير ([30]): «والجماعة من كل شيء يطلق على القليل والكثير».
المطلب الثاني: معنى «رواه الجماعة عند المحدثين» ([31]).
يختلف المراد بهذا المصطلح باختلاف المصنفين في علم الحديث في تحديده عدداً أو معدوداً، فعند بعضهم يطلق الجماعة على ستة من الرواة ([32])، وهم: البخاري، ومسلم، ومالك، والترمذي، وأبو داود، والنسائي.
ويطلق عند بعضهم ([33]) على سبعة من الرواة، وهم: الإمام أحمد، والبخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي، وأبو داود، وابن ماجه.
وهذا يعنى أنه ليس هناك ضابط محدد ينصرف إليه المصطلح عند إطلاقه لدى المحدثين، بل لابد لمعرفة المقصود به من النظر إلى قصد مؤلفه وتحديد المراد به لديه.
الفصل الأول: صيغ مصطلح (رواه الجماعة).
للتعبير عن هذا المصطلح صيغ عديدة، لكنها تدل على معنى واحد، وهي:
1 ـ صيغة (رواه الجماعة)، وقد عبر بهذه الصيغة الخلال ([34])، وكذلك عبر عنها بقوله: «على ما روى عنه الجماعة». أو قوله: «روى عنه هؤلاء الجماعة» ([35]).
وقد درج على التعبير بذلك الأصحاب في مصنفاتهم ([36]).
¥