تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

كَثيرٌ مِن الأمور تحُكى عن أهل العلم ويأتي طالب العلم ويُورِد سؤالَه على سبيل التَّعقيب وعلى سبيل الاجتهاد، ويقول: كيف هذا، قد ورد هذا. إنَّما يقول ذلك على سبيل الاستشكال؛ يقول: أشكل عندي كلام العلماء، أشكل علي، وكيف نُوَفِّقُ بين هذا وبين قول النبي (صَلَّىَ الله عليه وَسَلَّم)؟! وأمَّا أن يُورِدَ الشيءَ عَلَى أنَّه نَوع ٌمِنَ التَّعقيب عَلَى العُلماءِ أو نَوعُ مِنَ الأخذِ عَلَىَ كَلامِهم فَهَذَا لا يَنبغي عَلَى طالِب العلم. المُنبَغي عَلَىَ الإنسانِ أن يَعلمَ أنَّ هؤلاء العُلماءِ كانُوا عَلَى دَرَجَةٍ مِنَ الوَرَع وخَوفِ الله –جَلَّ وعَلا- ما يَمنَعُهم عَن أن يَقولوا عَلَىَ اللهِ بِدُون عِلم" اهـ كلامُه –جزاه الله خيرًا- نقلا عَن «شَرح زاد المُستقنِع»، شَريط رَقم (6/ ب).

وأمَّا الجوابُ عَمَّا أورَدتَه مِن الاستكشالات (!)؛ فهاكَ الجواب:

(1) قَولُك: "هل الكلام الطَّيب والثناء على الله يُعتَبَر ضَلالا" اهـ.

قُلتُ: إنَّما الطِّيبُ مِن الكَلام هو ما حَكَمَ بِطيبِه الشَّرعُ، والحَسَنُ ما حَسَنَه الشَّرعُ، وقد يكونُ الكلامُ طَيِّبًا في أصلِه، فإذا وُضِعَ في غَير مَوضِعِه الذي عَيَّنَه وقَيَّدَه به الشَّرعُ؛ صار مُستقبَحًا يَرفُضُه الشَّارِع الحَكيم –جَلَّ وعَلا. وقد يكونُ الكلام مُستقبَحًا في أصلِه، فيَظُنُّه المُكَلَّفُ طَيِّبًا لِجَهلٍ أو تأويلٍ أو غَيرِهما.

والثناءُ على اللهِ إنَّما يكونُ بما أثنَى به رَبُّنَا على نَفسِه أو أثنَى رسولُه (صَلَّىَ الله عليه وَسَلَّم) عَليه، أما ثناءُنا نَحنُ العَبيدُ يَجِبُ أن يكون مُقَيِّدًا بما أثنى به رَبُّنَا أو رَسولُه على اللهِ –تبارَك وتعالَى. والثناءُ على اللهِ يكونُ بأسمائه وصفاتِه الحُسنَى، ومِن المُقَرَرِ عِند عُلماء أهل السُّنَّة والجَمَاعَة أنَّ "أسماءَ الله تَوقيفيَّةٌ لا مَجالَ للعِقل فيها" و"الأدِلَة التي تُثبَتُ بِهَا أسماءُ اللهِ تعالى وصِفاتُه هي كِتابُ اللهِ –تعالَى- وسُنَةُ رَسولِه (صَلَّىَ الله عليه وَسَلَّم)؛ فلا تُثبَتُ أسماءُ الله وصِفاتُه بِغَيرِهما(راجِع: «القواعِد المُثلَى في صِفات الله وأسمائِه الحُسنَى» / للعلامة (محمد بن صالح العُثيمين) –رَحِمَه اللهُ، ص 16، 39، طـ مكتبة السُّنَّة بِمصر).

قالَ رَسولُ اللهِ (صَلَّىَ الله عليه وَسَلَّم): " ... لا أحصي ثناءً عَليك، أنتَ كما أثنيتَ على نَفسِك" [رواه مُسلِم (ح 486)].

إذا عَلِمتَ هذا –أخي- فالكلامُ الطَّيِّبُ والثَّناءُ على اللهِ لا يكون ضَلالا إذا كان مُعتَبَرًا لدَى الشَّرع، أمَّا إذا حَكَمَ المُكَلَّفُ علَى الكلامِ بأنَّه طَيِّبًا أو أنَّه يتضَمَنُ الثَّناء -مِن وِجْهَة نَظَرِه هو، نَظَرنَا هل اعتبَرَه الشَّرعُ أم لا؟! فإن كان مُعتَبَرًا فهو ليس ضلالا، وإلا فلا!

فلو أنَّ إنسانًا أثنى على اللهِ بِقَولِه: "يا ساتِر، يا سَتَّار، يا مُسَهِّل، يا مُهَندِس الكَون، يا مُعين، يا مَقصود، ... " فهل اعتبَرَ الشَّرعُ هذا الثَّناء أم لا؟! الجوابُ: لا؛ لم يَعتَبِر الشَّرعُ هذا الثَّناء؛ لأنَّ هذه الأسماء ليسَت مِن أسماء الله الحُسنَى التي دَلَّنَا عليها القُرآن أو السُّنَّة! رَغم أنَّ مَعناها طَيِّبٌ وحَسَنٌ -عِند المُكَلَّف! ومَعَ ذَلِك؛ فبَعضُ هذه الأسماء قد دَلَّت نُصوصُ الشَّرع على مَعناه –دونَ لَفظِه؛ فهو –سُبحانَه وتعالَى- يَستُر عَبدَه ويُعينُه ويَقصُدُه عِبادُه لِقضاء حوائِجِهم، لكن أن نتعبَدَه –سُبحانَه- بهذه الألفاظ؛ فهذا هو مَحلُ النَّظَر!

وأقولُ لأخي الكَريم (الحَسَن): ما رأيك في الصلاة والسلام على رَسولِ الله (صَلَّىَ الله عليه وَسَلَّم)؟! أليس هو كلامًا حَسَنًا طَيِّبًا مُعتَبَرًا؟! لكن هل اعتبَرَه الشَّرع في كُلِّ الأحوال والظُروف التي يَمُرُّ بِها المُكَلَّف؟!

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير