قال الشيخ حمد بن عبد الله الحمد في " شرح زاد المستقنع ":
أما مسألة: أن المرأة إن لم يكن هناك أجنبي فلا يجوز أن تغطي وجهها ويجب أن تدعه مكشوفاً:
فدليل ذلك: عند أهل العلم قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتقدم: (ولا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين)
قالوا: فهذا الحديث يدل على أن المرأة إحرامها في وجهها، وأنه ليس لها أن تغطي وجهها بالنقاب، وذكر النقاب إشارة إلى غيره مما يغطى به الوجه.
وقد صح عن ابن عمر - كما في البيهقي - بإسناد صحيح: أنه قال: (إحرام المرأة في وجهها وإحرام الرجل في رأسه)
وهذا المذهب هو مذهب فقهاء الأمصار، حتى قال الموفق: (لا يعلم بين أهل العلم في هذه المسألة خلاف) فهي مسألة متفق عليها عند أهل العلم.
ولكن ذهب بعض فقهاء الحنابلة إلى إطلاق جواز السدل، وهو ظاهر اختيار شيخ الإسلام، واختيار تلميذه ابن القيم: وأنه يجوز لها أن تسدل جلبابها على وجهها مطلقاً سواء كان ذلك في حضرة الأجانب أم لا.
قالوا: والنبي صلى الله عليه وسلم إنما نهى عن الألبسة المختصة بالوجه كالنقاب والبرقع، وأما مجرد تغطيته بأي شيء كأن تسدل ثوبها على وجهها فإنه لا حرج في ذلك.
وأنكر شيخ الإسلام ما نسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قوله: (إحرام المرأة في وجهها) وقال: " إنما هو قول لبعض السلف "، وهو كما قال فإنه قد رُفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ولا يصح، وأما قول شيخ الإسلام: أنه قول لبعض السلف: فنعم هو لبعض السلف، لكنه ليس كأي أحد من السلف بل هو إلى ابن عمر ممن يحتج بقوله حيث لم يكن له مخالف ولم يخالف السنة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
إذا علم الخلاف في هذه المسألة: فليعلم أن منشأ الخلاف في هذه المسألة - أي باعث الخلاف - هو: هل الشارع نهى المرأة عن النقاب والبرقع لكون النقاب والبرقع لباساً مختصاً بالوجه [فيشبه القميص في حق الرجل] وحينئذٍ لا يحرم على المرأة إلا اللباس المختص به، أم أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن النقاب والبرقع لكونه غطاءً للوجه فيحرم عليها كل غطاء وكل تغطية؟
أما الجمهور فقد سلكوا المسلك الثاني.
أما شيخ الإسلام في ظاهر قوله، وهو قول ابن القيم ومذهب بعض الحنابلة فقد سلكوا المسلك الأول.
قالوا: النبي صلى الله عليه وسلم إنما نهى عن اللباس المختص بالوجه وهو النقاب والبرقع، ولم يمنع من تغطية الوجه فأشبه ذلك المحرم فإنه ينهى أن يلبس القميص ويجوز له أن يغطي بدنه بإزار ورداء.
وأما الجمهور فقالوا: - كما تقدم - أنه نهى عن التغطية مطلقاً. ومسلك الجمهور أصح مما ذهب إليه بعض الحنابلة.
فإن النساء في اللباس لسن في حكم الرجال، فإن المرأة يجوز لها أن تلبس القمص وأن تغطي رأسها بالألبسة المختصة بالرأس وتلبس الخفاف والجوارب ونحو ذلك، فليست كالرجل، فلا يحرم عليها شيء من الألبسة، ولو كان المقصود من النهي عن البرقع والنقاب أنه لباس لجاز لها كسائر الألبسة، فدل على أن المقصود من ذلك إنما هو تغطية الوجه.
ولأن الغالب في النساء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم أنهن يضعن ألبسة مختصة بتغطية الوجه، فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك.
كما أنه لما سئل عما يلبس المحرم نهى عن العمائم، ولم يكتف بذلك عند أهل العلم بل قالوا: وإن غطى رأسه بخرقة فإنه لا يجوز له ذلك فالمقصود النهي عن تغطية الرأس.
ثم إن قول ابن عمر صريح في ذلك، فإنه قال: (إحرام المرأة في وجهها) ولا نعلم أثراً صريحاً يخالف أثره.
وأما قول عائشة: (فإن شاءت أسدلت ثوبها على وجهها) فإنه من المعلوم أن المرأة لا تسدل ثوبها على وجهها إلا إن كان هناك أجنبي، وإلا فإنها لا تشاء ذلك أصلاً إلا على أحوال نادرة، على أن هذا ليس صريحاً في المخالفة كما تقدم.
إذن: الراجح مذهب جماهير العلماء وقد حكى اتفاقاً أن المرأة إحرامها في وجهها، فإذا غطت وجهها من غير حاجة فإنها تكون فاعلة محظوراً من محظورات الإحرام.
انتهى
ـ[أبو عمر الرضواني]ــــــــ[25 - 02 - 10, 03:28 ص]ـ
على قول من يقول بتحريم تغطية المرأة وجهها سواء مر بها الرجال أم لا، هل وقف أحد على العلة الشرعية لهذا الحكم، فهذا الأمر يقفز على ذهني كلما مررت على هذه المسألة، أقول: الله يأمر المرأة - وجوبا أو ندبا - بتغطية وجهها عن الأجانب. . عن الواحد وعن الإثنين ثم يأمرها بكشفه على رءوس الأشهاد، وأتخيل مشهد لعله يحدث: امرأة منتقبة لم يرها أحد ممن يعرفها من الأجانب من جيرانها. . لم يشاهدوا صفحة وجهها قط، ثم يرونه أين؟ يرونه في موسم الحج، لعل البعض يقول: هذا اختبار وابتلاء لعباده في هذا الموقف، ولكن ماذا عن نظر الفجأة؟ فهو حتما سيراها.
هذه خاطرة فحنانيكم على أخيكم.