ولي قتراح هو من باب التطفل بالنسبة لما أنتم فيه من أحوال أعانكم الله، لو وضعتم استفتاء أو أنكم قمتم مباشرة بالاختيار لعدد من الإخوة الموثوق بهم علما ودينا وكانوا بمثابة القضاة، وتشكل لجنة للفصل في قضايا المسلمين، ولا بأس أن يكون فيها أعضاء للتمييز، وذلك لضبط القضية لديكم والله يسدد خطاكم على درب الخير ويجعلنا وإياكم من المباركين أينما كنا.
ـ[الحمادي]ــــــــ[19 - 05 - 03, 10:56 ص]ـ
جزاك الله خيراً يا أبا خالد على دعواتك الطيبات.
ما كتبه الدكتور عبدالكريم زيدان أتى عليه الدكتور عبدالناصر وزيادة.
إلا أني آثرتُ - طلباً للفائدة - أن أذكر ما يتعلق بهذه المسألة من كتاب زيدان، وسأبدأ به، ثم كتاب عبدالناصر.
ذكر الدكتور عبدالكريم زيدان في مبحث (قواعد النقض والإبرام) سبع قواعد، وسأورد ما له علاقةٌ بموضوعنا - بحسب رقم القاعدة في الكتاب - فمن تلك القواعد:
القاعدة الأولى /
الاجتهاد لايُنقض بمثله.وذكر أنه يترتب على هذه القاعدة بالنسبة لنقض الأحكام نتيجتان:
الأولى: أن ما حكم به القاضي بناءً على اجتهاده السائغ المقبول في المسائل الاجتهادية؛ فليس له نقضه باجتهاده الجديد في نفس المسألة التي حكم فيها.
الثانية: أنه لايحق لأي قاضٍ آخر نقض هذا الحكم، لأن قضاء الأول في مثل هذه المسائل الاجتهادية قضاءٌ نافذٌ إجماعاً، ولايجوز التعرُّض له بالنقض. وعلى هذا سار الصحابة "رضي الله عنهم" ومن بعدهم.
وفي هذا من الحكمة استقرار الأحكام ووثوق الناس بها وإنهاء الخصومات وقطع الطريق على حكام السوء الذين قد يتذرعون بالاجتهاد لنقض أحكامهم أو أحكام غيرهم وهم في الحقيقة إنما يريدون محاباة من يكون النقض لمصلحتهم.
ثم إننا إذا جوَّزنا نقض الحكم الأول باجتهاد الثاني، فيجب كذلك أن نجوز نقض الثاني باجتهاد ثالث ... وهكذا.
القاعدة الثالثة /
يُنقَض الحكم المخالف للنص أو الإجماع. وأضاف القرافي ما كان من الأحكام معارضاً للقياس الجلي السالم عن المعارضة. أو لقاعدة شرعية عامة سالمة عن المعارضة.
القاعدة السادسة /
تُدقَّق أحكام قليل الفقه من القضاة؛ ومَنْ لايُشاور.
فيُبرَم منها الصحيح ويُنقَض منها ما كان خطأً بيِّناً.
ويُعرَف قلة علم ذلك القاضي أو عدم مشاورته عن طريق الرقابة على القضاة (وقد سبق أن تكلم المؤلف عن ذلك صـ 65).
وأما كتاب (نظرية الحكم القضائي) للدكتور عبدالناصر، فقد ذكر أن لإصدار الحكم القضائي آثاراً عامة وخاصة. وذكر من الآثار العامة:
فَصْلُ الخصومة وإنهاء النزاع، وعدم جواز طرح النزاع من جديد مستقبَلاً.
ومن الآثار أيضاً:
لزوم الحكم بعنى ثباته ودوامه، فلايجوز الرجوع فيه من قبل القاضي نفسه ولانقضه من قبل غيره.
وفكرة اللزوم في الحكم تشابه الفكرة ذاتها في آثار العقود.
ثم تعرض الباحث لبعض المسائل المتعلقة بهذا الأثر (أثر لزوم الحكم) فذكر منها:
المسألة الأولى /
لزوم الحكم للمحكمة؛ وعدم جواز رجوع القاضي عن حكمه.
فإذا صدر الحكم بعد اسيفاء الشروط المطلوبة فيه؛ فلايجوز للقاضي الرجوع عنه. ويُلزِم الخصومَ به، ويصبح جاهزاً لتنفيذ مضمونه، وذلك لتكتسب أحكام القضاء صفة الاستقرار والثبات.
واستثنى الفقهاء من هذه القاعدة حالات يجوز فيها للقاضي الرجوع عن حكمه، وهو بمثابة النقض لحكمه السابق؛ ومنها:
الحال الأولى: أن يتبين للقاضي أنه أخطأ في حكمه، وهذه على نوعين:
1 / أن يتبين له أن حكمه السابق مخالفٌ للنص أو الإجماع أو القياس.
فهذا النوع ينقض القاضي بنفسه ويرجع عنه بلاخلاف بين الفقهاء.
2 / أن يكون الخطأ في المسائل الاجتهادية التي اختلف الفقهاء في حكمها، فيكون القاضي على أحد الآراء في المسألة، ثم بعد ذلك يتبين له قولٌ آخر، ويترجح له خلاف رأيه السابق، فهل يجوز هنا له الرجوع في حكمه السابق؟
في ذلك قولان:
الأول: قول الجمهور من الحنفية والشافعية والحنابلة وبعض المالكية
حيث ذهبوا إلى عدم جواز ذلك. لأن الحكم قد وقع صحيحاً وقتَ صدوره.
واستدلوا بأثر عمر رضي الله عنه لما قضى في المسألة المشرَّكة في المواريث بإسقاط الإخوة الأشقاء، ثم شرَّك بينهم في قضية أخرى، فلما سئل عن ذلك، قال:
¥