تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

هذه المسألة في رسالة أفردها لمسألة الجهر بالبسملة منشورة ضمن مجموع الفتاوى و قد بين أن أحاديث الجهر بالبسملة إما أن يرويها فقهاء ليس لهم علم بالحديث أو محدثون لا يشترطون الصحة فيما يروونه فقد يكون صحيحا أو ضعيفا، فقال رحمه الله: و أعجب من ذلك أن من أفاضل الفقهاء من لم يعز في كتابه حديثا إلى البخاري إلا حديثا في البسملة، و ذلك الحديث ليس في البخاري، و من هذا مبلغ علمه في الحديث كيف يكون حالهم في هذا الباب أو يرويها من جمع هذا الباب كالدارقطني و الخطيب و غيرهما فإنهم جمعوا ما روي و إذا سئلوا عن صحتها قالوا بموجب علمهم كما قال الدارقطني لما دخل مصر و سئل أن يجمع أحاديث الجهر بها فجمعها فقيل له هل فيها شيء صحيح فقال أما عن النبي صلى الله عليه و سلم فلا و أما عن الصحابة فمنه صحيح و منه ضعيف، و سئل أبو بكر الخطيب عن مثل ذلك فذكر حديثين حديث معاوية لما صلى بالمدينة و قد رواه الشافعي رضي الله عنه - بسنده - أن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: صلى معاوية بالمدينة فجهر فيها فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم لأم القرآن، و لم يقرأبها للسورة التي بعدها و لم يكبر حين يهوي، حتى قضى تلك الصلاة فلما سلم ناداه من سمع ذلك من المهاجرين من كل مكان: يا معاوية أسرقت الصلاة أم نسيت؟ فلما صلى بعد ذلك قرأ بسم الله الرحمن الرحيم للسورة التي بعد أم القرآن،


(1) الروض النضير 9

و كبر حين يهوي ساجدا، و قال الشافعي - وساق سنده إلى عبيد بن رفاعة أن معاوية رضي الله عنه قدم المدينة فصلى بهم و لم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم و لم يكبر إذا خفض و إذا رفع فناداه المهاجرون حين سلم و الأنصار: أي معاوية سرقت الصلاة (1)، إلى أن قال: و ذكر الخطيب أنه أقوى ما يحتج به و ليس بحجة كما يأتي بيانه، فإذا كان أهل المعرفة بالحديث متفقين أنه ليس في الجهر حديث صحيح و لا صريح فضلا أن يكون فيها أخبار مستفيضة أو متواترة امتنع أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يجهر بالاستفتاح و التعوذ ثم لا ينقل، و مع هذا فنحن نعلم بالإضطرار أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يجهر بالبسملة، كما روي أبو داود في مراسيله عن سعيد بن جبير، و رواه الطبراني في معجمه عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يجهر بها بمكة فكان المشركون إذا سمعوها سبوا الرحمن فترك الجهر فما جهر بها حتى مات، فهذا محتمل، و أما الجهر العارض فمثل ما في الصحيح أنه كان يجهر بالآية أحيانا و مثل جهر بعض الصحابة خلفه بقوله ربنا و لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه و مثل جهر عمر بقوله سبحانك اللهم و بحمدك و تبارك اسمك و تعالى جدك و لا إله غيرك و مثل جهر ابن عمر و أبي هريرة بالاستعاذة و مثل جهر ابن عباس بالقراءة على الجنازة ليعلموا أنها سنة و يمكن أن يقال جهر من جهر بها من الصحابة كان على هذا الوجه ليعرفوا أن قراءتها سنة لا لأن الجهر بها سنة و من تدبر عامة الآثار الثابتة في هذا الباب علم أنها آية من كتاب الله و أنهم قرؤوها لبيان ذلك لا لبيان كونها من الفاتحة و أن الجهر بها سنة مثل ما ذكر ابن وهب في جامعه قال أخبرني رجال من أهل العلم عن ابن عباس و أبي هريرة و زيد بن أسلم و ابن شهاب مثله بغير هذا الحديث عن ابن عمر أنه كان يفتتح القراءة بسم الله الرحمن الرحيم فقال ابن شهاب يريد بذلك أنها من القرآن فإن الله أنزلها قال و كان أهل الفقه يفعلون ذلك فيما مضى من الزمان و حديث ابن عمر معروف من حديث حماد بن زيد عن أيوب عن نافع عن ابن عمر أنه كان إذا صلى بسم الله الرحمن الرحيم فإذا قال غير المغضوب عليهم و لا الضالين قال بسم الله الرحمن الرحيم فهذا الذي ذكره ابن شهاب الزهري الذي هو أعلم أهل زمانه بالسنة يبين حقيقة الحال فإن العمدة في الآثار في قراءتها إنما هي عن ابن عباس و أبي هريرة و ابن عمر و قد عرف حقيقة حال أبي هريرة في ذلك (2)، و كذلك غيره رضي الله عنهم أجمعين (3).

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير