فظن أن هذا خلاف المنقول عن عمر فجعلها مسألة خلاف بين الصحابة وأنت إذا تأملت حكميهما لم تجد بينهما اختلافا فإن عمر إنما أسقط عنه القود لما اعترف الولي بأنه كان مع امرأته وقد قال أصحابنا - واللفظ لصاحب " المغني " -: فإن اعترف الولي بذلك فلا قصاص ولا دية لما روي عن عمر - ثم ساق القصة - وكلامه يعطي أنه لا فرق بين أن يكون محصنا وغير محصن وكذلك حكم عمر في هذا القتيل وقوله أيضا فإن عادوا فعد ولم يفرق بين المحصن وغيره.
وهذا هو الصواب.
" زاد المعاد " (5/ 404، 405).
والله أعلم
ـ[المستفيد7]ــــــــ[04 - 07 - 03, 10:01 ص]ـ
للفائدة وزيادة توضيح لقول ابن القيم:
((وهذا يحتمل معنيين:
أحدهما: إقراره وسكوته على ما حلف عليه سعد أنه جائز له فيما بينه وبين الله ونهيه عن قتله في ظاهر الشرع ولا يناقض أول الحديث آخره.))
اليكم مافي هذا الرابط وهي فتوى للشيخ محمد الحمود النجدي وففه الله:
http://www.alathry.com/alathry/link2a.asp?pid=2a&id=185
حكم قتل المعتدي على الحرمة
السؤال: (64)
إذا وجد الرجل رجلاً يزني بزوجته فهل يجوز له قتله وقتل زوجته؟
الجواب:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم النبيين وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين: الأول: يجوز له ذلك.
قال ابن قدامة في المغني (12/ 535): وإذا وجد رجلا يزني بامرأته فقتله فلا قصاص عليه ولا دية، لما روي أن عمر رضي الله عنه بينما هو يتغدى يوما إذ أقبل رجل يعدو ومعه سيف مجرد ملطخ بالدم، فجاء حتى قعد مع عمر فجعل يأكل، وأقبل جماعة من الناس فقالوا: يا أمير المؤمنين، إن هذا قتل صاحبنا مع امرأته، فقال عمر: ما يقول هؤلاء؟ قال: ضرب الآخر فخذي امرأته بالسيف، فإن كان بينهما أحد فقد قتله، فقال لهم عمر: ما يقول؟ قالوا: ضرب بسيفه فقطع فخذي امرأته فأصاب وسطه باثنين، فقال عمر: إن عادوا فعد، رواه هشيم عن مغيرة عن إبراهيم، أخرجه سعيد، انتهي وفيه إرسال، إبراهيم هو النخعي لم يسمع من عمر وإن كان جماعة من الأئمة صححوا مراسيله، قاله العلائي (التهذيب 1/ 178).
وقد بوب البخاري في كتاب الحدود بابا سماه: ((باب من رأى مع امرأته رجلا فقتله)): ذكر فيه عن المغيرة أنه قال: قال سعد بن عبادة: لو رأيت رجلا مع امرأتي لضربته بالسيف غير مفصح، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((أتعجبون من غيرة سعد؟ لأنا أغير منه، والله أغير مني)). قال الحافظ ابن حجر: قوله ((باب من رأى مع امرأته رجلا فقتله)) كذا أطلق ولم يبين الحكم، وقد اختلف فيه: فقال الجمهور عليه القَوَد، وقال أحمد وإسحاق: إن أقام بينة أنه وجده مع امرأته هدر دمه، وقال الشافعي: يسعه فيما بينه وبين الله قتل الرجل إن كان ثيبا وعلم أنه نال منها ما يوجب الغسل، ولكنه لا يسقط عنه القود في ظاهر الحكم، وكذا قال الحنفية حيث ذكروا: أنه يحل ديانة لا قضاء، فلا يصدقه القاضي إلا بينة)) (الفتح: 12/ 174).
وسئل الإمام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى عن هذه المسألة، أجاب:
الحمد لله، إن كان قد وجدهما يفعلان الفاحشة وقتلها فلا شيء عليه في الباطن في أظهر قولي العلماء، وهو أظهر القولين في مذهب أحمد، وإن كان يمكنه دفعه عن وطئها بالكلام، كما ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لو أن رجلا اطلع في بيتك ففقأت عينه ما كان عليك شيء)) و ((نظر رجل مرة في بيته فجعل يتبع عينه بمدرى لو أصابته لقلعت عينه)) وقال: ((إنما جعل الاستئذان من أجل النظر)) وقد كان يمكن دفعه. وجاء رجل إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه وبيده سيف متلطخ بدم قد قتل امرأته، فجاء أهلها يشكون عليه فقال الرجل: إني قد وجدت لكاعًا قد تفخذها فضربت ما هنالك بالسيف، فأخذ السيف فهزه، ثم أعاده إليه، فقال: إن عاد فعد.
ومن العلماء من قال: يسقط القود عنه إذا كان الزاني محصنا، سواء كان القاتل هو زوج المرأة أو غيره، كما يقوله طائفة من أصحاب الشافعي وأحمد.
والقول الأول: إنما مأخذة أنه جني على حرمته فهو كفقيء عين الناظر، وكالذي انتزع يده من فم العض حتى سقطت ثناياه، فأهدر النبي صلى الله عليه وسلم دمه، وقال: ((يدع يده في فيك فتقضمها كما يقضم الفحل؟!)) وهذا الحديث الأول القول به مذهب الشافعي وأحمد.
ومن العلماء من لم يأخذ به، قال:لأن دفع الصائل يكون بالأسهل. والنص يقدم على هذا القول. وهذا القول فيه نزاع بين السلف والخلف، فقد دخل اللص على عبد الرحمن بن عمر، فأصلتَ له السيف، قالوا: فلولا أنا نهيناه عنه لضربه، وقد استدل أحمد بن حنبل بفعل ابن عمر هذا مع ما تقدم من الحديثين، وأخذ بذلك.
وأما إن كان الرجل لم يفعل الفاحشة، ولكن وصل لأجل ذلك فهذا فيه نزاع، والأحوط لهذا أن يتوب من القتل من مثل هذه الصورة، وفي وجوب الكفارة عليه نزاع، فإذا كفّر فقد فعل الأحوط، فإن الكفارة تجب في قتل الخطأ. وأما قتل العمد فلا كفارة فيه عند الجمهور: كمالك، وأبي حنيفة، وأحمد في المشهور عنه، وعليه الكفارة عند الشافعي وأحمد في الرواية الأخرى)) انتهى. (مجمع الفتاوى 34/ 168 - 169).
فنصر ابن تيمية هذا القول وأنه أظهر القولين في مذهب أحمد، وإن كان يمكنه دفعه عن وطئها بالكلام، لما ثبت في الصحيحين أن من اطلع في بيت قوم ففقئوا عينه أنه لا شيء عليهم، وأنه كالذي انتزع يده من فم العاض حتى سقطت ثناياه فأهدرها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه جان في الحالين على حرمة غيره. وأن قول من قال من الفقهاء: إن الدفع يكون بالأسهل يقدم عليه الأحاديث السابقة.
وهو الراجح من الأقوال، وفيه ردع أهل الشر والفساد في زمننا، والله أعلم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.اهـ.
¥