وإن كان بعض أهل العلم من الحنابلة قد اعتبر الشيخ مرعي مقلداً متقيداً لا يخرج عن المذهب الحنبلي قيد شعرة واحدة وليس له في " غاية المنتهى " سوى الجمع بين كتابي " الإقناع والمنتهى "] كذا قال الشيخ عبد الله البسام (7).
وقول الشيخ عبد الله البسام فيه نظر واضح!!؟
المطلب الثاني: التعريف بكتاب " دليل الطالب لنيل المطالب ":
دليل الطالب متن مشهور في الفقه الحنبلي اختصره الشيخ مرعي الكرمي من كتاب " منتهى الإرادات في جمع المقنع والتنقيح وزيادات " تأليف العلامة تقي الدين محمد بن أحمد الفتوحي المصري الشهير بابن النجار المتوفى سنة 972 هـ.
بل قد صرح الشيخ محمد بن مانع بأن دليل الطالب اختصره مؤلفه من شرح المنتهى (8).
وكذلك صرح به الشيخ صالح البهوتي شارحه حيث قال في مقدمة شرحه: [لما رأيت مختصر منتهى الإرادات الموسوم بدليل الطالب … الخ.
وفي افتتاحية دليل الطالب ما لعله يشير به إلى هذا إشارة خفية حيث قال: [وأشهد أن محمداً عبده ورسوله … الفائز بمنتهى الإرادات من ربه …] (9).
وهذا الكتاب - منتهى الإرادات - من متون المذهب المعتمدة، قال ابن بدران:
[رحل إلى الشام - ابن النجار - فألف بها كتابه المنتهى ثم عاد إلى مصر بعد أن حرر مسائله على الراجح من المذهب واشتغل به عامة الطلبة في عصره واقتصروا عليه] (10).
وقال ابن بدران أيضاً: [عكف الناس عليه وهجروا ما سواه من كتب المتقدمين كسلاً منهم ونسياناً لمقاصد علماء هذا المذهب] (11).
[وهذا الكتاب اعتمده المتأخرون من عصر المؤلف حتى كان والد المؤلف يقرؤه للطلاب ويثني عليه وكاد الكتاب لشهرته ينسي ما قبله من متون المذهب المطولة فعكف الناس عليه شرحاً وتحشيةً واختصاراً وجمعاً له مع غيره وهو كسابقه (الإقناع) عليه مدار الفتيا ومرجع القضاء فإذا اختلفا رجع الأصحاب إلى غاية المنتهى] (12).
ولا بد لنا من التعريف بأصل الكتابين لنقف على أهميتهما:
كتاب منتهى الإرادات في الجمع بين المقنع والتنقيح وزيادات.
واضح من اسمه أن مؤلفه جمع بين كتابين هما: المقنع والتنقيح، ولنلق نظرة على كل منهما:
1. المقنع، تأليف الإمام موفق الدين عبد الله بن محمد بن قدامة المقدسي المتوفى سنة 620 هـ.
قال في خطبته: [اجتهدت في جمعه وترتيبه وإيجازه وتقريبه وسطاً بين القصير والطويل وجامعاً لأكثر الأحكام عريةً عن الدليل والتعليل] (13).
وذكر فيه الروايات عن الإمام ليجعل لقارئه مجالاً إلى كد ذهنه ليتمرن على التصحيح (14).
ويعتبر كتاب المقنع أصلاً لمتون المتأخرين من الحنابلة كما قال ابن بدران (15).
[وكتابه هذا عمدة الحنابلة من زمنه إلى يومنا هذا وهو أشهر المتون بعد مختصر الخرقي لهذا أفاضوا في شرحه وتحشيته وبيان غريبه وتخريج أحاديثه وتصحيحه وتنقيحه وتوضيحه وقد امتدحه الأئمة منهم العلامة المرداوي في مقدمة الإنصاف 1/ 3 فقال) إنه من أعظم الكتب نفعاً وأكثرها جمعاً) وكان المشايخ يقرؤونه لمن ارتقى عن درجة المبتدئين بعد إقراء العمدة له] (16).
وقد تتابعت الأعمال العلمية على المقنع ما بين شرح وحاشية وتخريج لأحاديثه ونظم له وجمع بينه وبين غيره من الكتب وبيان لغريب ألفاظه واختصار له وقد بلغت شروحه أحد عشر شرحاً، وبلغت حواشيه ثلاثة عشر حاشية ً، وله مختصران وعليه كتابان لبيان غريب ألفاظه، وخرّج أحاديثه
أبو المحاسن يوسف بن محمد المرداوي المتوفى سنة 769 هـ في كفاية المستقنع لأدلة المقنع.
وخرجها أيضاً أبو المحاسن يوسف بن عبد الهادي المتوفى 909 هـ، ومن لطائف الاتفاق أن كل واحد من المخرجين اسمه يوسف وكنيته أبو المحاسن ولقبه جمال الدين.
وقد جمع المقنع مع غيره من الكتب ثلاثة من العلماء أحدهم ابن النجار في كتابه الذي نتحدث عنه وهو منتهى الإرادات في الجمع بين المقنع والتوضيح وزيادات.
ونظم المقنع اثنان من علماء الحنابلة، انظر تفصيل ما تقدم في المدخل ص 220 - 223 والمدخل المفصل 2/ 722 - 737.
2. وأما كتاب التنقيح فعنوانه هو التنقيح المشبع في تحرير أحكام المقنع للعلامة علاء الدين علي بن سليمان المرداوي المتوفى سنة 885 هـ والذي يعتبر مصحح المذهب ومنقحه.
¥