تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

في غزوه.

الثاني: إذا عطل الإمام الغزو وأقبل هو وجنوده على أمور الدنيا وغير ذلك مما يشاهد في هذه الأعصار والأمصار فإنه لا تتوجه الكراهة لمن يريد الغزو من واحد أو جماعة لأنهم حينئذٍ قائمون بالفرض المعطل.

الثالث: إذا كان من يريد الغزو لا يقدر على الاستئذان ويغلب على ظنه أنه لو استأذن لم يؤذن له فإنه لا كراهة تتوجه إليه في الحالة المذكورة. أ ه، وهو حسن جداً. أ ه كلام أحمد بن إبراهيم)).

قلت هذا في جهاد الطلب وهو طلب الكفار في مكانهم وليس في جهاد الدفع ومع وجود الإمام فإنه يغزى ولو بدون إذنه إذا عطل الجهاد، فكيف مع عدم وجود الإمام والكفار قد احتلوا بلاد الإسلام.

كما هو الجاري في العراق فإنه لا شك يجب دفعهم ومقاتلتهم وعلى أهل العلم والوجاهة والزعامة أن يتعاونوا فيما بينهم على تسيير أمور الجهاد وغيرها من حدود الشرع وقد ذكر أبو المعالي الجويني - رحمه الله تعالى - في كتابه الغياثي عند فقد الإمام أن على أهل كل بلد أن يلجئوا إلى مجتهديهم ليحكموا بينهم بأحكام الشرع.

قلت: والدليل على هذا ما تقدم وما سيأتي إن شاء الله تعالى، ولذا بوبّ البخاري - رحمه الله تعالى - في صحيحه في كتاب الحدود 39 من أدب أهله أو غيره دون السلطان، وقال أبو عبد الرحمان النسائي - رحمه الله تعالى - في كتابه السنن 8/ 16 باب: من اقتص وأخذ حقه دون السلطان.

وقال أيضاً 8/ 226: ((إذا حكموا رجلاً فقضى بينهم، ثم ساق من طريق شريح بن هانئ عن أبيه أنه لما وفد على رسول الله r سمعه يكنونه هانئاً: أبا الحكم فدعاه رسول الله r فقال له: ((أن الله هو الحكم فلم تكنى أبا الحكم فقال: إن قومي إذا اختلفوا في شيء أتوني فحكمت بينهم فرضي كلا الفريقين قال: ما أحسن من هذا ... )) أه.

والشاهد من هذا أن رسول الله r أقرّ تصرفهم في التحاكم إلى هذا الرجل والحكم بينهم مع أن الرسول r لم ينصبه حاكماً بينهم، كما أقرّ تصرف سلمة بن الأكوع عندما أغار الكفار على لقاح النبي r فصادفهم خارجاً من المدينة فتبعهم فقاتلهم من غير إذن فمدحه النبي r وقال: خير رجالتنا سلمة بن الأكوع وأعطاه سهم فارس وراجل. والحديث أخرجه مسلم 1807 في صحيحه وينظر الشرح الكبير 10/ 172 لشمس الدين المقدسي رحمه الله تعالى.

وأما القضية الثانية فالجواب عنها وبالله التوفيق أن النصر من الله تعالى وما على المسلم إلا بذل السبب، قال تعالى:) كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (().

قال أبو الفداء ابن كثير رحمه الله تعالى: ((فإن النصر من عند الله ليس عن كثرة عَدد ولا عُدد ... )) أه من تفسيره 1/ 668.

وقال تعالى:) قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لأُولِي الْأَبْصَارِ (().

وقال تعالى:) فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ

تَنْكِيلاً (().

وقال تعالى عن موسى عليه السلام:) يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْماً جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ قَالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (().

قلت: وهذه القصة في هذه الآيات الكريمات تنطبق على من يقول لا طاقة لنا بقتال هؤلاء الكفار ويرد عليهم بقول الرجلين الصالحين: توكلوا على الله تعالى وقاتلوهم فإن الله ناصركم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير