تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

تبين مما تقدم أن هذه المسألة فيها تفصيل وانه يفرق بين قتال الطلب وقتال الدفع وأما القول بالوجوب فهذا غير صحيح.

3 - تكلم محمد بن الحسن الشيباني رحمه الله تعالى بكلام أوضح من كلام العز بن عبد السلام رحمه الله تعالى فقال أبو بكر الجصاص في أحكام القرآن 1/ 262 فإن محمد بن الحسن ذكر في السير الكبير: أن رجلاً لو حمل على ألف رجل وحده لم يكن بذلك بأس إذا كان يطمع في نجاة أو نكاية فان كان لا يطمع في نجاة ولا نكاية فإني أكره له ذلك لأنه عرّض نفسه للتلف من غير منفعة للمسلمين وإنما ينبغي للرجل أن يفعل هذا وإذا كان يطمع في نجاة أو منفعة للمسلمين فإن كان لا يطمع في نجاة ولا نكاية ولكنه يجرئ المسلمين بذلك حتى يفعلوا مثل ما فعل فيقتلون وينكون في العدو فلا بأس بذلك إن شاء الله لأنه لو كان على طمع من النكاية في العدو ولا يطمع في النجاة لم أرى بأسا أن يحمل عليهم فكذلك إذا طمع أن يُنكي غيره فيهم بحملته عليهم فلا بأس بذلك وأرجو أن يكون فيه مأجوراً وإنما يكره له ذلك إذا كان لا منفعة فيه على وجه من الوجوه وإن كان لا يطمع في نجاة ولا نكاية ولكنه مما يرهب العدو فلا بأس بذلك لأن هذا أفضل النكاية وفيه منفعة للمسلمين.

قال الجصاص: والذي قال محمد من هذه الوجوه صحيح لا يجوز غيره أه.

قلت: لا يمكن أن يكون هجوم المسلم على الكفار لا نفع فيه بوجه من الأوجه إلا كما قال: أبو حامد الغزالي: ((لا خلاف في أن المسلم الواحد يجوز له أن يهجم على صف الكفار وإن علم أنه يقتل وكما أنه يجوز أن يقاتل الكفار حتى يقتل جاز ذلك أيضا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولكن لو علم أنه لا نكاية لهجومه على الكفار كالأعمى يطرح نفسه على الصف أو العاجز فذلك حرام ودخل تحت عموم آية التهلكة وإنما جاز الإقدام إذا علم أنه لا يقتل إلا أن يقتل أو علم أنه يكسر قلوب الكفار بمشاهدتهم جرأته واعتقادهم في سائر المسلمين قلة المبالات وحبهم للشهادة في سبيل الله فتكسر شوكتهم .. أه.

قلت ما قاله أبو حامد الغزالي من الأعمى يطرح نفسه على الكفار أو العاجز فلن يفعلا شيئاً بخلاف المقاتل حتى لوحده فإنه يشرع له الهجوم على الكفار وإن هذا من أفضل القربات التي يتقرب بها المسلم إلى ربه U وبالله التوفيق.

وأما القضية الثالثة: وهي أنه يكثر في المنتسبين للإسلام من هو واقع في الشرك والضلال والبدع فلابد أولا من تربيتهم على الحق ثم الجهاد بعد ذلك.

فأقول وبالله التوفيق: لاشك أن تعليم الناس دينهم وتصحيح عقائدهم ودعوتهم إلى التوحيد أمر واجب وفرض لازم كما أن الجهاد يجب إذا احتل الكفار بلاد الإسلام فلابد من القيام بكلا الأمرين وهذه هي سيرته عليه الصلاة والسلام وهديه وعلى هذا سار صحابته من جهاد الكفار بالحجة والبيان وبالسيف والسيادة.

فعلينا أن نسير وفق ذلك ولا تضاد بحمد الله تعالى بين الأمرين ولا يمكن تربية الناس وتعليمهم إلا بالجهاد وذلك بإزالة الموانع والعوائق التي تقف في وجه ذلك.

وقد قيل:

وما هو إلا الوحي أو حد مرهف

تزيل ضباه أخدعي كل مائل

هذا دواء الداء من كل عاقل

وهذا دواء الداء من كل جاهل

2 - في كتاب النوادر والزيادات لابن أبي زيد القيرواني 3/ 25 قال: في الجهاد مع من لا يُرضي من الولاة.

قال ابن سحنون: روى ابن وهب أن جابر بن عبد الله قال: قاتل أهل الضلالة وعلى الإمام ما حُمل وعليك ما حُملت.

وقيل لابن عباس: أغزو مع إمام لا يريد إلا الدنيا قال: قاتل أنت على حظك من الآخرة. قال نافع: ولم يكره ابن عمر الغزو معهم وكان يُغزي بينه.

وفي حديث: ويبعث بالمال ويُعين الغزاة، قال: وإنما تخلف لوصايا عمر ولصبية وضيعة كبيرة لا تصلحها الا التعاهد، وقال الحسن: أغز معهم ما لم ترهم عهدوا ثم غدروا، ولم ير الغزو بالسيف مع ولاة الجور باساً. وقاله أبو أيوب وعبد الرحمان بن يزيد النخعي ومجاهد والحسن وابن سيرين وطاووس وسالم بن عبد الله وأبو حذيفة وعمارة بن عمير، وقاله مالك وقال: في ترك ذلك ضرر وجرأة لأهل الكفر، قال ابن حبيب: سمعت أهل العلم يقولون: لا بأس بالغزو معهم وإن لم يضعوا الخمس مواضعه وإن لم يوفوا بعهد وإن عملوا ما عملوا. ولو ترك ذلك لاستبيح حريم المسلمين ولعلا أهل الشرك.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير