تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

و قال شيخنا – شيخ الإسلام -:" المثلة حق لهم، فلهم فعلها للاستيفاء و أخذ الثأر و لهم تركها و الصبر أفضل و هذا حيث لا يكون في التمثيل بهم زيادة في الجهاد ولا يكون نكالاً لهم عن نظيرها فأما إن كان في التمثيل الشائع دعاء لهم إلى الإيمان أو زجر لهم عن العدوان فإنه هنا من إقامة الحدود و الجهاد المشروع و لم تكن القضية في أحد كذلك فلهذا كان الصبر أفضل فأما إن كانت المثلة حق لله تعالى فالصبر هناك واجب كما يجب حيث لا يمكن الانتصار و يحرم الجزع "

[الفروع (219/ 6) –الفتاوى الكبرى (545/ 5)]

ثانيا: ما جاء في الصحيحين عن أنس أن قوما عكل وعرينه اجتووا المدينة فأمرهم النبي بلقاح و أن يشربوا من أبوالها وألبانها، فانطلقوا فلما صحوا قتلوا الراعي واستاقوا الذود فبعث النبي - صلى الله عليه و سلم - في طلبهم فقطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم" [البخاري حديث (1430) (546/ 2) / مسلم حديث (1671) (1296/ 3)

قال الباجي رحمه الله تعالى:" أما ما روى عن أن النبي – صلى الله عليه وسلم- أمر بالعرنيين الذين قتلوا رعاء رسول الله – صلى الله عليه وسلم - واستاقوا نعمه فأمر بهم فقطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم فإنه روى سليمان التيمي عن أنس أنهم كانوا فعلوا بالرعاء مثل ذلك، و مثل هذا يجوز من مثل بمسلم أن يُُمثل به على سبيل القصاص " [المنتقى شرح الموطأ (172/ 3)]

يشير رحمه الله تعالى إلى ما أخرجه مسلم في صحيحه بإسناده عن سليمان التيمي عن أنس قال: إنما سمل النبي أعين أولئك لأنهم سملوا أعين الرعاة كما أخرجه الترمذي والبيهقي عنه أيضا

إلا أن الرواية اقتصرت على تسميل العين ولم يرد فيها قطع أيدي وأرجل الرعاة و هو تمثيل زائد عن القصاص إنما جاء ذلك عند بعض أهل المغازي على ما نقله القاضي عياض وابن حجر وسيأتي، وجميع الروايات الواردة في القصة والتي أخرجها الشيخان وأحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وعامة أصحاب السنن والمسانيد لم تأت فيها رواية واحدة تفيد قطع أيدي وأرجل الرعاة بل جميعها تقتصرعلى ذكر قتلهم للرعاة وعليه فإن ما رواه بعض أصحاب المغازي لا يقوى على معارضة الأحاديث الصحاح الثابتة عن أهل الحديث رحمهم الله جميعا كما ورد عند النسائي في المجتبى عن أنس أن النبي –صلى الله عليه وسلم- صلبهم [حديث (4028)] و قد ضعفه الألباني

وقال القاضي عياض:" اختلف العلماء في معنى حديث العرنيين هذا، فقال بعض السلف كان هذا قبل نزول الحدود وآية المحاربة والنهي عن المثلة فهو منسوخ، وقيل ليس منسوخاً وفيهم نزلت آية المحاربة وإنما فعل بهم النبي ما فعل قصاصاً لأنهم فعلوا بالرعاة مثل ذلك وقد رواه مسلم في بعض طرقه ورواه ابن إسحاق وموسى بن عقبة وأهل السير والترمذي وقال بعضهم النهي عن المثلة نهي تنزيه ليس بحرام " [شرح صحيح مسلم (154/ 11)]

و قال ابن حجر في الفتح:" و مال جماعة منهم ابن الجوزي على أن ذلك وقع عليهم على سبيل القصاص لما عند مسلم من حديث سليمان التيمي عن أنس إنما سمل النبي أعينهم لأنهم سملوا أعين الرعاة 0000 إلى قوله وتعقبه بن دقيق العيد أن المثلة وقعت من جهات وليس في الحديث إلا السمل، قلت – أي ابن حجر – كأنهم تمسكوا بما نقله أهل المغازي إنهم مثلوا بالراعي.

وذهب آخرون إلى أن ذلك منسوخ قال ابن شاهين عقب حديث عمران بن حصين في النهي عن المثلة في هذا الحديث ينسخ كل مثلة و تعقبه ابن الجوزي بأن ادعاء النسخ يحتاج إلى تاريخ قلت يدل عليه ما رواه البخاري في الجهاد من حديث أبي هريرة في النهي عن التعذيب بعد الأذن فيه و قصة العرنيين قبل إسلام أبي هريرة و قد حضر الاذن ثم النهي و روى قتادة عن ابن سيرين أن قصتهم كانت قبل أن تنزل الحدود، و لموسى بن عقبة في المغازي ذكروا أن النبي –صلى الله عليه و سلم- نهى بعد ذلك عن المثلة بالآية التي في سورة المائدة و إلى هذا مال البخاري وحكاه إمام الحرمين في النهاية عن الشافعي 0000 إلى أن قال في فوائد الحديث: و فيه قتل الجماعة بالواحد سواء قتلوه غيلة أو حرابة إن قلنا أن قتلهم كان قصاصاًَ و فيه المماثلة في القصاص و ليس ذلك من المثلة المنهي عنها" [فتح الباري (1/ 341)]

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير