و ذلك نحو التنكيل و الموعظة و إلقاء الرعب في نفوسهم و زجرهم عن العدوان و كسر شوكتهم كما لو كان المقتول من صناديدهم أو قوادهم و طمأنينة نفوس المؤمنين و ما أشبه ذلك
قال المجد بن تيميه في المنتقى في" كتاب الجهاد " باب الكف عن المثلة و التحريق و قطع الشجر و هدم العمران إلا لحاجة و مصلحة " [المنتقى (3/ 321)]
قال السرخسي في الشرح الكبير: " أكثر مشايخنا رحمهم الله على أنه إذا كان في ذلك كبت و غيظ للمشركين أو فراغ قلب للمسلمين بأن كان المقتول من قواد المشركين أو عظماء المبارزين فلا بأس بذلك " (137/ 1)
قال في المغني: " في رمي رأس الكافر بالمنجنيق بعد قطعه: يكره رميها بالمنجنيق نص عليه أحمد و إن فعلوا ذلك لمصلحة جاز لما روينا لأن عمرو بن العاص حين حاصر الإسكندرية ظُفِر برجل من المسلمين فأخذوا رأسه فجاء قومه عمرًا مغضبين، فقال لهم عمرو خذوا رجلا منهم فاقطعوا رأسه فارموا به إليهم بالمنجنيق ففعلوا ذلك فرد أهل الإسكندرية رأس المسلم إلى قومه [المغني (262/ 20)]
قال في الفروع: "يكره نقل رأس و رميه بمنجنيق بلا مصلحة و نقل ابن هانئ لا يفعل و لا يحرقه قال أحمد لا ينبغي أن يعذبوه و عنه إن مثلوا مُثل بهم ذكره أبو بكر (219/ 6)
قال في شرح منتهى الإرادات: " وكره لنا نقل رأس كافر من بلد إلى بلد آخر بلا مصلحة لما روى عقبة بن عامر أنه قدم على أبي بكر برأس بنان البطريق فأنكر ذلك، فقال يا خليفة رسول الله فإنهم يفعلون ذلك بنا فقال إذن بفارس و الروم لا يحمل إلي رأس فإنما يكفي الكتاب و الخبر.
و كره رمي الرأس بمنجنيق بلا مصلحة لأنه تمثيل قال أحمد و لا ينبغي أن يعذبوه فإن كان فيه مصلحة كزيادة في الجهاد أو نكال لهم أو زجر عن العدوان جاز لأنه من إقامة الحدود والجهاد المشروع قاله تقي الدين (625/ 1)
قال ابن عابدين في حاشيته: " و قيد جوازها (يعني المثلة) قبله (أي قبل الظفر) في الفتح (فتح القدير) بما إذا وقعت قتالاً كمبارز ضرب فقطع أذنه ثم ضرب ففقأ عينه ثم ضرب فقطع يده و أنفه و نحو ذلك وهو ظاهر في أنه لو تمكن من كافر حال قيام الحرب ليس له التمثيل به بل يقتله و مقتضى ما في الاعتبار أن له ذلك كيف و قد عُلل بأنها أبلغ في كبتهم و أضر بهم. (131/ 4)
و فيما تقدم من أقوال أهل العلم رحمهم الله دلالة ظاهرة في اعتبار المصلحة مخصصًا للنهي عن المثلة
و يمكن أن يستدل لذلك بما يلي:
- أولاً: فعل ابن مسعود – رضي الله عنه - و إقرار النبي – صلى الله عليه و سلم – له حين احتز رأس أبي جهل، قال ابن حجر في الفتح: " جاء في حديث ابن عباس عند ابن إسحاق و الحاكم قال ابن مسعود: فوجدته بآخر رمق 000 ثم احتززت رأسه فجئت به رسول الله – صلى الله عليه وسلم – [انظر الفتح شرح حديث (4437)]
قال النووي: ابن مسعود هو الذي أجهز عليه و احتز رأسه [شرح مسلم (160/
12)] و أخرج أبو داود بإسناده قول ابن مسعود نفلني رسول الله – صلى الله عليه و سلم - سيف أبي جهل _كان قتله _ قال في عون المعبود يعني حز رأسه و به رمق [حديث (2722)] و كأن فعله هذا لطمأنة قلوب المؤمنين بقتل رأس الكفر.
- ثانيًا: ما ثبت عن علي – رضي الله عنه في مواطن عدة من تحريق المرتدين. قال شيخ الإسلام: " روي عنه –أي علي- تحريق الزنادقة بأسانيد جيدة " [مجموع الفتاوى (474/ 8)]
v وإليك طائفة من الأحاديث الواردة عنها:
- ما رواه البخاري أن أناسًا ارتدوا على عهد علي، فأحرقهم بالنار، فبلغ ذلك ابن عباس فقال: لو كنت أنا لم أحرقهم لنهي رسول الله –صلى الله عليه و سلم- لا تعذبوا بعذاب الله و لقتلتهم [حديث (6524) (2537/ 6)] و لما بلغ علي –رضي الله عنه – إنكار ابن عباس لم يعول عليه بل استمر في تحريق الكفار حتى قبل موته فإنه أمر به كما سيأتي.
وقد استنكر علي –رضي الله عنه – قول ابن عباس حين بلغه بقوله: " ويح ابن عباس هذا ثابت صحيح " [رواه الدارقطني (90) (3/ 108)] و قال أيضًا: " ويح ابن أم ابن عباس " [أخرجه أحمد في المسند،حديث (2552) (282/ 1) و عبد الرزاق في المصنف حديث (9413) (213/ 5)]
¥