تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

تركها وهو محافظ على الترك في صحته وعافيته وعدم الموانع المانعة له من الفعل وهذا القدر هو الذي خفي على من جعل الإيمان مجرد التصديق وإن لم يقارنه فعل واجب ولا ترك محرم وهذا من أمحل المحال أن يقوم بقلب العبد إيمان جازم لا يتقاضاه فعل طاعة ولا ترك معصية ونحن نقول الإيمان هو التصديق ولكن ليس التصديق مجردا اعتقادا صدق المخبر دون الانقياد له ولو كان مجرد اعتقاد التصديق إيمانا لكان إبليس وفرعون وقومه وقوم صالح واليهود الذين عرفوا أن محمدًا رسول الله كما يعرفون أبناءهم مؤمنين مصدقين وقد قال تعالى ((فإنهم لا يكذبونك)) أي يعتقدون أنك صادق ((ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون)) والجحود لا يكون إلا بعد معرفة الحق، قال تعالى ((وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا)) وقال موسى لفرعون ((لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض بصائر)) وقال تعالى عن اليهود ((يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون)).

وأبلغ من هذا: قول النفرين اليهوديين لما جاءا إلى النبي وسألاه عما دلهما على نبوته فقالا نشهد أنك نبي فقال ما يمنعكما من اتباعي قالا إن داود دعا أن لا يزال في ذريته نبي وإنا نخاف إن اتبعناك أن تقتلنا اليهود .. رواه النسائي والترمذي

فهؤلاء قد اقروا بألسنتهم إقرارا مطابقا لمعتقدهم أنه نبي ولم يدخلوا بهذا التصديق والإقرار في الإيمان لأنهم لم يلتزموا طاعته والانقياد لأمره ومن هذا كفر أبي طالب فإنه عرف حقيقة المعرفة أنه صادق وأقر بذلك بلسانه وصرح به في شعره ولم يدخل بذلك في الإسلام، فالتصديق إنما يتم بأمرين:

أحدهما: اعتقاد الصدق.

والثاني: محبة القلب وانقياده.

ولهذا قال تعالى لإبراهيم ((يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا)) وإبراهيم كان معتقدا لصدق رؤياه من حين رآها فإن رؤيا الأنبياء وحي وإنما جعله مصدقا لها بعد أن فعل ما أمر به.

وكذلك قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((والفرج يصدق ذلك كله أو يكذبه)) رواه البخاري ومسلم، فجعل التصديق عمل الفرج لا ما يتمنى القلب والتكذيب تركه لذلك وهذا صريح في أن التصديق لا يصح إلا بالعمل.

وقال الحسن: ليس الإيمان بالتمني ولا بالتحلي ولكن ما وقر في القلب وصدقه العمل.

والمقصود أنه يمتنع مع التصديق الجازم بوجوب الصلاة والوعد على فعلها والوعيد على تركها وبالله التوفيق.ا. هـ

الأدلة من السنة

1ـ عن جابر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ((إِنَّ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكَ الصَّلاةِ)) [3].

قال النووي: وَمَعْنَى بَيْنه وَبَيْن الشِّرْك تَرْك الصَّلاةِ أَنَّ الَّذِي يَمْنَع مِنْ كُفْره كَوْنه لَمْ يَتْرُك الصَّلاة , فَإِذَا تَرَكَهَا لَمْ يَبْقَ بَيْنه وَبَيْن الشِّرْك حَائِل , بَلْ دَخَلَ فِيهِ. ثُمَّ إِنَّ الشِّرْك وَالْكُفْر قَدْ يُطْلَقَانِ بِمَعْنَى وَاحِدٍ وَهُوَ الْكُفْر بِاَللَّهِ تَعَالَى , وَقَدْ يُفَرَّق بَيْنهمَا فَيُخَصُّ الشِّرْك بِعَبَدَةِ الأَوْثَان وَغَيْرهَا مِنْ الْمَخْلُوقَات مَعَ اِعْتِرَافهمْ بِاَللَّهِ تَعَالَى كَكُفَّارِ قُرَيْش , فَيَكُون الْكُفْر أَعَمُّ مِنْ الشِّرْك. وَاَللَّه أَعْلَم

2ـ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((بَيْنَ الْكُفْرِ وَالإِيمَانِ تَرْكُ الصَّلاةِ)) وعنه ((بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ أَوْ الْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلاةِ)) [4]

3ـ عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((لَيْسَ بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ الْكُفْرِ إِلا تَرْكُ الصَّلاةِ)) [5].

قال المباركفوري في تحفة الأحوذي: (بَيْنَ الْكُفْرِ وَالإِيمَانِ تَرْكُ الصَّلاةِ) أَيْ تَرْكُ الصَّلاةِ وَصْلَةٌ بَيْنَ الْكُفْرِ وَالإِيمَانِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ فِعْلَ الصَّلاةِ هُوَ الْحَاجِزُ بَيْنَ الْعَبْدِ وَالْكُفْرِ.

4ـ عن بريدة بن الحصيب رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ الصَّلاةُ، فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ)) [6].

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير