تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأما المسألة الثالثة وهي حد العورة من المرأة فأكثر العلماء على أن بدنها كله عورة ما خلا الوجه والكفين وذهب أبو حنيفة إلى أن قدمها ليست بعورة وذهب أبو بكر بن عبد الرحمن وأحمد إلى أن المرأة كلها عورة وسبب الخلاف في ذلك احتمال قوله تعالى ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها هل هذا المستثنى المقصود منه أعضاء محدودة أم إنما المقصود به ما لا يملك ظهوره فمن ذهب إلى أن المقصود من ذلك ما لا يملك ظهوره عند الحركة قال بدنها كله عورة حتى ظفرها واحتج لذلك بعموم قوله تعالى يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين الاية ومن رأى أن المقصود من ذلك ما جرت به العادة بأنه لا يستر وهو الوجه والكفان ذهب إلى أنهما ليسا بعورة واحتج لذلك بأن المرأة ليست تستر وجهها في الحج.

1 - مذهب أبي حنيفة:

قال الإمام محمد بن الحسن في " الموطأ" (ص 205 بشرح التعليق الممجّد- هندية):

" ولا ينبغي للمرأة المحرمة أن تنتقب فإن أرادت أن تغطي وجهها فلتستدل الثوب سدلاً من فوق خمارها. وهو قول أبي حنيفة والعامة من فقهائنا".

وقال أبو جعفر الطحاوي في " شرح معاني الآثار" (2/ 392 - 393):

" أبيح للناس أن ينظروا إلى ما ليس بمحرَّم عليهم من النساء إلى وجوههن وأكفهن وحرم ذلك عليهم من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى".

جاء في المبسوط للإمام محمد بن الحسن الشيباني (ج3/ص56 - 58):

"وأما المرأة الحرة التي لا نكاح بينه وبينها ولا حرمة ممن يحل له نكاحها فليس ينبغي له أن ينظر إلى شيء منها مكشوفا إلا الوجه والكف ولا بأس بأن ينظر إلى وجهها وإلى كفها ولا ينظر إلى شيء غير ذلك منها وهذا قول أبي حنيفة وقال الله تبارك وتعإلى وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها ففسر المفسرون أن ما ظهر منها الكحل والخاتم والكحل زينة الوجه والخاتم زينة الكف فرخص في هاتين الزينتين ولا بأس بأن ينظر إلى وجهها وكفها إلا أن يكون إنما ينظر إلى ذلك اشتهاء منه لها فإن كان ذلك فليس ينبغي له أن ينظر إليها ".

وقال شمس الأئمة السرخسي في كتابه المبسوط (10/ 152 - 153) عن النظر إلى الأجنبية:

( ... فدل أنه لا يباح النظر إلى شيء من بدنها ولأن حرمة النظر لخوف الفتنة – يعني لا لكونه عورة - وعامة محاسنها في وجهها فخوف الفتنة في النظر إلى وجهها أكثر منه إلى سائر الأعضاء) إلى أن قال: (ولكنا نأخذ بقول علي وابن عباس رضي الله عنهم فقد جاءت الأخبار في الرخصة بالنظر إلى وجهها وكفها) ... إلى أن قال: (وهذا كله إذا لم يكن النظر عن شهوة فإن كان يعلم أنه إن نظر اشتهى لم يحل له النظر إلى شيء منها).

2 - مذهب الإمام مالك:

روى عنه صاحبه عبد الرحمن بن القاسم المصري في "المدونة" (2/ 221) نحو قول الإمام محمد في المحرمة إذا أرادت أن تسدل على وجهها وزاد في البيان فقال:

" فإن كانت لا تريد ستراً فلا تسدل".

ونقله ابن عبد البر في " التمهيد" (15 - 111) وارتضاه.

وفي " الموطأ" رواية يحيى (2/ 935):

" سئل مالك: هل تأكل المرأة مع غير ذي محرم منها أو مع غلامها؟ فقال مالك: ليس بذلك بأس إذا كان ذلك على وجه ما يُعرفُ للمرأة أن تأكل معه من الرجال قال: وقد تأكل المرأة مع زوجها ومع غيره ممن يؤاكله".

قال الباجي في" المنتفى شرح الموطأ" (7/ 252) عقب هذا النص:

" يقتضي أن نظر الرجل إلى وجه المرأة وكفيها مباح لأن ذلك يبدو منها عند مؤاكلتها".

قال ابن القطان في النظر في أحكام النظر ص 143 بعد أن ذكر هذا النص عن مالك (وهذا نص قوله وفيه إباحة إبدائها وجهها وكفيها للأجنبي إذ لا يتصور الأكل إلا هكذا وقد أبقاه الباجي على ظاهره. وقال أيضا ص 145 (وكذلك أيضا استدل به إسماعيل القاضي لمذهبه وهو جواز بدو الوجه والكفين و بما أجمع عليه من جواز بدو وجهها في الصلاة بل وجوبه).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير