قال ابن بطال فيما نقله عنه ابن حجر في فتح الباري (ج11/ص10) في الحديث (أي حديث الخثعمية) الأمر بغض البصر خشية الفتنة ومقتضاه أنه إذا أمنت الفتنة لم يمتنع قال ويؤيده أنه صلى الله عليه وسلم لم يحول وجه الفضل حتى أدمن النظر إليها لاعجابه بها فخشي الفتنة عليه قال وفيه مغالبة طباع البشر لابن آدم وضعفه عما ركب فيه من الميل إلى النساء والإعجاب بهن وفيه دليل على أن نساء المؤمنين ليس عليهن من الحجاب ما يلزم أزواج النبي صلى الله عليه وسلم إذ لو لزم ذلك جميع النساء لأمر النبي صلى الله عليه وسلم الخثعمية بالاستتار ولما صرف وجه الفضل قال وفيه دليل على أن ستر المرأة وجهها ليس فرضا لاجماعهم على أن للمرأة أن تبدي وجهها في الصلاة ولو رآه الغرباء وأن قوله قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم على الوجوب في غير الوجه.
3 - مذهب الإمام الشافعي:
قال في كتابه" الأم " (2/ 185):
" المحرمة لا تخمِّر وجهها إلا أن تريد أن تستر وجهها فتجافي…"
وقال البغوي في " شرح السنة" (9/ 23):
"وأما المرأة مع الرجل فإن كانت أجنبية حرة فجمع بدنها عورة في حق الرجل لا يجوز له أن ينظر إلى شيء منها إلا الوجه واليدين إلى الكوعين لقوله عزوجل (ولايبدين زينتهن إلا ما ظهر منها) قيل في التفسير هو الوجه والكفان وعليه غض البصر عن النظر إلى وجهها ويديها أيضاً عند خوف الفتنة".
قال جمال الدين الأسنوي في المهمات "إنه الصواب (أي جواز النظر إلى الوجه والكفين عند أمن الفتنة وعدم الشهوة) لكون الأكثرين عليه وهو قول الرافعي".
جاء في روضة الطالبين وعمدة المفتين (6/ 15) في نظر المرأة إلى الرجل فيحرم نظره إلى عورتها مطلقا وإلى وجهها وكفيها إن خاف فتنة وإن لم يخف فوجهان قال أكثر الأصحاب ولا سيما المتقدمون لا يحرم لقول الله تعالى (ولايبدين زينتهن إلا ما ظهر منها) وهو مفسر بالوجه والكفين لكن يكره).
وقال عنه في المجموع شرح المهذب (17/ 298): ووجه عند الشيخين نسباه إلى الأكثرين لايحرم.
قال في المغني (ج7/ص78):وقال القاضي يحرم عليه النظر إلى ما عدا الوجه والكفين لأنه عورة ويباح له النظر إليها مع الكراهة إذا أمن الفتنة ونظر لغير شهوة وهذا مذهب الشافعي لقول الله تعالى ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها النور 31 قال ابن عباس الوجه والكفين وروت عائشة أن أسماء بنت أبي بكر دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثياب رقاق فأعرض عنها وقال يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا وأشار إلى وجهه وكفيه رواه أبو بكر وغيره ولأنه ليس بعورة فلم يحرم النظر إليه بغير ريبة كوجه الرجل.
4 - الرواية الثانية عن الإمام أحمد:
قال ابن قدامة في المغني (ج1/ص349) وقال مالك والأوزاعي والشافعي جميع المرأة عورة إلا وجهها وكفيها وما سوى ذلك يجب ستره في الصلاة لأن ابن عباس قال في قوله تعالى ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها النور 31 قال الوجه والكفين ولأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى المحرمة عن لبس القفازين والنقاب ولو كان الوجه والكفان عورة لما حرم سترهما ولأن الحاجة تدعو إلى كشف الوجه للبيع والشراء والكفين للأخذ والإعطاء وقال بعض أصحابنا المرأة كلها عورة لأنه قد روى في حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم المرأة عورة رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح لكن رخص لها في كشف وجهها وكفيها لما في تغطيته من المشقة وأبيح النظر إليه لأجل الخطبة لأنه مجمع المحاسن وهذا قول أبي بكر الحارث بن هشام قال المرأة كلها عورة حتى ظفرها.
وقال أيضا في (ج7/ص74) ولا خلاف بين أهل العلم في إباحة النظر إلى وجهها (أي المخطوبة) وذلك لأنه ليس بعورة وهو مجمع المحاسن وموضع النظر ولا يباح له النظر إلى ما لا يظهر عادة.
وقال أيضا في (ج3/ص154) فصل ويجتمع في حق المحرمة وجوب تغطية الرأس وتحريم تغطية الوجه ولا يمكن تغطية جميع الرأس إلا بجزء من الوجه ولا كشف جميع الوجه إلا بكشف جزء من الرأس فعند ذلك ستر الرأس كله أولى لأنه آكد إذ هو عورة لا يختص تحريمه حالة الإحرام وكشف الوجه بخلافه وقد أبحنا ستر جملته للحاجة العارضة فستر جزء منه لستر العورة أولى.
جاء في "الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام المبجل أحمد ابن حنبل" للشيخ علاء الدين المرداوي (1/ 452)، قال:
¥