تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقد كان أبو داود رحمه الله يفتخر بشهرة أحاديث كتابه فهو لا يحتج بحديث غريب وهذا يدل على أن المشهور يطلق على كل حديث خرج عن حد الغرابة والشذوذ إما بورده عن طريق آخر أو بشيوع العمل بمقتضاه، وهو خلاف ما استقر عليه المتأخرون في تعريف مصطلح المشهور (وهو ما رواه ثلاثة فأكثر_في كل طبقة_ما لم يبلغ حد التواتر). وهذا يؤكد مجددا اختلاف ألفاظ المتقدمين عن الألفاظ التي اصطلح عليها المتأخرون وسارت عليه كتب المصطلح، وهو ما أكد عليه الدكتور حمزة المليباري حفظه الله في بحثه النفيس (نظرات جديدة في علوم الحديث)، ومن أبرز الأمثلة على ذلك:

o قول ابن عبد البر في حديث المسح على الخفين: إنه استفاض وتواتر. وقد يريدون بالتواتر: الاشتهار، لا المعنى الذي فسره به الأصوليون، نقله العراقي رحمه الله في التقييد والإيضاح.

o تتبع الشيخ حاتم الشريف حفظه الله لفظ التواتر في كلام المتقدمين قبل استقرار المصطلح المتعارف عليه عند المتأخرين حيث قال حفظه الله: ومثل هذا الاستخدام لكلمة (المتواتر)، على المعنى اللغوي، يرد أيضاً في كلام من قبل الحاكم؛ كأبي جعفر الطحاوي أحمد بن محمد بن سلامه المصري الحنفي، المتوفى سنة 321هـ، وقبلهما وجدته في كلام الإمام البخاري، والإمام مسلم، وغيرهم.

ما روي عن أبي داود رحمه الله بأنه يذكر في كل باب أصح ما عرفه فيه:

وقد نقل ابن كثير رحمه الله في اختصار علوم الحديث هذه الرواية عن ابن الصلاح رحمه الله، ويؤكد هذا ما ذكره ابن مندة رحمه الله بأن أبا داود رحمه الله يخرج الإسناد الضعيف إذا لم يجد في الباب غيره، لأنه أقوى عنده من رأي الرجال، وهو بذلك يقتدي بصنيع شيخه أحمد بن حنبل رحمه الله، ولكنه لا يعقد بابا لحديث منكر أو شديد الضعف.

مسألة: هل ما قرره ابن الصلاح رحمه الله من أن أبا داود رحمه الله يسكت عن الحسن خاص بسننه أم يجري على بقية مصنفاته؟:

أيد ابن حجر رحمه الله اطلاق هذه العبارة على كل مصنفات أبي داود رحمه الله ولكن رأيه معارض بما قاله العراقي رحمه الله بأن نص أبي داود رحمه الله في رسالته صريح حيث قال: (ذكرت في كتابي هذا الصحيح …)، فصنيعه لا يجري إلا على كتابه السنن.

مسألة: أبو داود رحمه الله ضعف بعض الأحاديث في سؤالات أبي عبيد الآجري رحمه الله، وسكت عنها في السنن، ومعلوم أن ما سكت عنه أبو داود رحمه الله في السنن هو صالح، والضعيف بلا شك غير صالح فكيف يمكن تفسير ذلك؟:

لا يلزم هذا الإستدراك، لأن أبا داود رحمه الله سكت عن الضعيف الذي يصلح للإعتبار، فليس معنى تضعيفه المطلق لحديث في سؤالات أبي عبيد رحمه الله أنه لا يصلح للإعتبار، فربما كان أبو داود رحمه الله يقصد بهذا التضعيف المطلق، الضعيف الذي لم يشتد ضعفه، وإنما يلزم الإستدراك إذا كان تضعيفه للحديث تضعيفا شديدا. ومع ذلك أورده في سننه وسكت عليه. وهذا كلام العراقي رحمه الله (الباعث الحثيث ص59، طبعة مكتبة السنة).

أهم ملامح منهج أبي داود في السنن: (نقلا عن حجية السنة ص191):

o عنايته بذكر الطرق واختلاف الألفاظ وزيادات المتون.

o جمع الأحاديث التي استدل بها فقهاء الأمصار.

o انتقى في كل باب مجموعة قليلة من الأحاديث خشية الإطالة.

o لا يكرر الحديث إلا إذا اشتمل على زيادة مهمة، وهو بذلك يميل لصنيع مسلم رحمه الله.

o اختصاره لبعض الأحاديث لبيان موضع الإستدلال، وهو بذلك يميل لصنيع البخاري رحمه الله.

o كثيرا ما يشير إلى العلل الواردة في الأحاديث.

· إذا لم يخرج أبو داود رحمه الله في الباب إلا حديثا واحدا وسكت عنه فإننا لا نحكم عليه ابتداءا بأنه صحيح، لأن أبا داود رحمه الله يعقد الباب إذا وجد فيه الصحيح أو الحسن أو حتى الضعيف المنجبر، فما يدرينا أن صحيح، وإنما الأصح أن يقال بأن هذا الحديث هو أقوى ما عنده في هذا الباب، وفي هذا رد على ابن عبد البر رحمه الله، الذي قال بأن أبا داود رحمه الله إذا خرج في الباب حديثا واحدا فقط فهو عنده صحيح، وعليه فإننا إذا وجدنا حديثا يصلح لأن يخرج في هذا الباب، ولكن أبا داود رحمه الله أعرض عنه، فإن هذا يعني أن هذا الحديث الذي لم يخرجه أضعف من الحديث الذي خرجه، لأنه يخرج في الباب أقوى ما عنده، ومن أبرز الأمثلة على ذلك،

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير