ثم إن الآية الكريمة قد نصت على أن العلة التي من أجلها جعلت القوامة للرجل على المرأة، هي أن الرجل أعلى درجة منها، كما قال تعالى: (بما فضل الله بعضهم على بعض)، أي بسبب فضل قد خلقه الله تعالى في الرجل، علا به عن درجة المرأة،استحق أن يكون هو صاحب الولاية والقوامة عليها، وهذه العلة عامة، ومعلوم أن العلة إذا كانت عامة، فإن الحكم يتبعها أيضا، فكيف يكون له القوامة عليها في شئون الأسرة لانه فضل عليها، ثم تكون لها القوامة عليه في الولايات العامة؟؟!!
الدليل الثاني
ـــــــــــــــــ
قوله تعالى (ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن) سورة النساء آية 32
وهذه الآية أوضح برهان على بطلان دعوة المساواة المطلقة بين الرجل والمرأة، فقد نصت الآية على أن هناك فرقا بينهما، وهذا الفرق جعل نصيب الرجل من الحقوق والواجبات، يختلف عن نصيب المرأة في بعض الأحكام، وإن كانا متساويين في أكثر الأحكام الشرعية.
ونهى الله تعالى في هذه الآية أن تتمنى المرأة ما اختص به الرجل من الأحكام بسبب فضله عليها، كما دل على ذلك سبب النزول.
فقد روى الترمذي والحاكم وغيرهما عن أم سلمة قالت يا رسول الله: يغزو الرجال ولا نغزو،وإنما لنا نصف الميراث، فنزلت الآية.
وفي هذا دلالة واضحة على أن فضل الرجل على المرأة يقتضي أن يكون له الولاية العامة دونها.
الدليل الثالث
ــــــــــــــــــــ
قوله تعالى (وللرجال عليهن درجة) سورة البقرة آية228
وهذه الدرجة التي جعلها الله للرجال هي الفضل المذكور في قوله تعالى (بما فضل الله بعضهم على بعض)، وهذه الآية كسابقتها في وضوح البرهان على بطلان دعوى المساواة المطلقة بين الرجل والمرأة، فقد جعل الله تعالى الرجال أعلى درجة من النساء.
الدليل الرابع
ـــــــــــــــ
قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم (لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة) رواه البخاري من حديث أبي بكرة رضي الله عنه.
ومعنى (ولّوا أمرهم) جعلوا شيئا من أمر ولاياتهم العامة إلى المرأة، ولن تفيد النفي المقتضي للتحريم، والحكم بعدم الفلاح يقتضي المنع الشرعي قطعا.
الرد على من قال بتخصيص الحديث بسبب وروده فقط:
وأما قول من قال إن الحديث مقصور على سبب وروده ولا يتعداه، وهو أن كسرى ملك الفرس لما مات تولت من بعده ابنته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لن يفلح قوم ولو أمرهم امرأة)، فهو مردود عليه بأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، ولولا هذه القاعدة المتفق عليها، لبطل الاستدلال بأكثر الأحكام الشرعية التي وردت لاسباب اقتضتها، لكنها جاءت بألفاظ عامة، ولهذا اتفق علماء الشريعة على أن اللفظ إن كان عاما، فإنه يستفاد منه تعميم الحكم، ولا يقتصر فقط على سبب وروده.
ومما يدل على هذا: أن الصحابي الجليل أبي بكره رضي الله عنه، راوي الحديث استدل به على منع نفسه من المسير مع جيش عائشة الذي توجه في مشروع الصلح بعد الخلاف الذي نشب بين المسلمين بسبب مقتل عثمان رضي الله عنه.
قال أبو بكرة رضي الله عنه: (عصمني بشيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لما هلك كسرى قال: من استخلفوا؟ قالوا: ابنته، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة) فلما قدمت عائشة ـ يعني البصرة في يوم الجمل ـ ذكرت قول النبي صلى الله عليه وسلم ـ فعصمني الله به) رواه الترمذي والنسائي وغيرهما.
فهذا الصحابي الجليل لم يفهم من قول النبي صلى الله عليه وسلم أن النص الخاص لا يتعدى سبب وروده، بل استدل به استدلالا عاما كما يدل عليه عموم اللفظ، وعلى هذا جرى العلماء من عصر الصحابة إلى يومنا هذا.
الرد على من قال: إن الحديث خاص بتولى رئاسة الدولة فقط دون سائر الولايات العامة
وأما من زعم أن الحديث مخصوص بمنع المرأة من تولى رئاسة الدولة، فالجواب: إن لفظ الحديث عام يشمل الخلافة أو رئاسة الدولة، ويشمل غيره ذلك من الولايات العامة، وقصر الحديث على رئاسة الدولة فقط تحكم محض لادليل عليه.
¥