تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

*- وأما حمل ابن حزم وغيره الحديث على الخلافة فقط فهذا تخصيص بدون مخصص، وأقوال أهل العلم يستدل لها ولا يستدل بها كما تقرر في موضعه، والقاعدة الشرعية بنص القرآن عند الاختلاف هي: الاحتكام للكتاب والسنة كما قال تعالى ? فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ?. وسيأتي مزيد بيان.

تنبيه: هناك شخص آخر غير الطبري شيخ المفسرين يشاركه في الاسم واسم الأب والكنية والنسبة (محمد ابن جرير أبو جعفر الطبري) وهو شيعي رافضي، فيشتبه به في بعض الحالات و يدلس به الرافضة على أهل السنة أحيانا، فتأمل.

رابعا: اعتراض وجوابه.

يعترض البعض على ما ذكرنا باعتراضات منها:

1/ معارضة الحديث للآية في قصة بلقيس، وكونها قادت قومها للفلاح، وهذا على حد قولهم يتعارض مع الحديث لو لم يحمل على التخصيص ونحوه.

والجواب: أن الآية لا دلالة فيها على هذه الدعوى إذ ليس فيها غير حكاية قصة بلقيس وقومها وكيف كانوا حكموا عليهم امرأة، وليست حتى من شرع من قبلنا على الخلاف المعروف فيه، فهي على هذا ليست في الموضوع إطلاقا، وما يدعى فيها من أنها كانت سببا لفلاح قومها، وأن هذا يتعارض مع نفي الفلاح عمن ولَّى عليهم امرأة، فليس إلا عند تسليم أن الحديث من باب الخبر لا من باب الأمر والطلب، ثم إن ذلك من النوادر ومن المعلوم أن النادر لا حكم له، فالعبرة بالغالب الأعم لا بالنادر الأقل، ولا يبعد أن يقال إنها لا تفترق عما يقال عن البريطانية لاشتراكهما في الكفر عند الحكم من غير اتباع لرسالة، ولم يذكر أن نبي الله سليمان عليه السلام أبقاها على الحكم،بل يمكن الاستدلال بالآية على منع اللمرأة من تولي الإمارة لطلب سليمان عليه السلام عرش ملكها قبل إسلامها ليكون دليلا عزلها عند إسلامها عن الإمارة والملك الذي كانت عليه لأنه لا يصح إمارة امرأة، فإذا كان كذلك فلا يجوز بناء الحكم الشرعي عليها، كيف وقد بلغنا الحديث عن نبينا المصطفى صلى الله عليه وسلم، ولو سلمنا ذلك كله جدلا لقلنا إنه منسوخ بنصوص شرعنا وعموم الحديث الوارد عن نبينا صلى الله عليه وسلم، و سيأتي ذكر جملة من ذلك وللتفصيل موضع آخر غير هذا، وإلا فليس لإجماع الأمة على منعها من الإمامة العامة دليل -وهو مستحيل على الصحيح من أقوال العلماء في الأصول كما قرره شيخ الإسلام ابن تيميه في القواعد النورانية – وقد استدل به غير واحد من العلماء لهذه المسألة على اختلاف مشاربهم مما يدل على اعترافهم بالعموم وصلاحيته للاستدلال.

2/ أن الحديث خاص على السبب الذي ورد فيه، شأنه شأن قوله ? " ليس من البر الصيام في السفر" (رواه البخاري (رقم 1946) ومسلم (1120) وغيرهما.) فإنه خاص بمن وصل به الحال إلى العجز عن القيام بمصالحه في السفر، أو كان الصيام خطرا عليه كما ذكر غير واحد.

والجواب: أن هذا النوع من تخصيص النص العام بسببه لا يصار إليه إلا عند وجود نص صحيح معارض كما هو الحال في الحديث المذكور، فإنه معارض بحديث حمزة بن عمرو الأسلمي في البخاري ومسلم من حديث عائشة وفيه: أن حمزة سأل النبي ? عن الصوم في السفر فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " إن شئت فصم وإن شئت فأفطر "أهـ. وقي لفظ لمسلم عن حمزة أنه قال: أجد مني قوة على الصوم فهل علي جناح؟ فقال " هي رخصة من الله تعالى، فمن أخذ بها فحسن، ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه " (رواه البخاري (رقم 1943) ومسلم (رقم 1121) من حديث عائشة.).

وفي الصحيحين من حديث أنس مرفوعا " كنا نسافر مع رسول الله فلم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم أهـ (رواه البخاري (رقم 1947) ومسلم (رقم 1118) وغيرهما).

فإذا لم يكن في المسألة ما يعارض النص العام فلا يجوز أن يقال بالتخصيص على ما تقرر عند أئمة الأصول، وليس في هذه المسألة ما يعارض عموم هذا النص، وما قيل في قصة بلقيس فقد قدمنا الجواب عنه وأنه لا يصلح للمعارضة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير