ـ[عبد الرحمن بن طلاع المخلف]ــــــــ[05 - 06 - 04, 08:51 م]ـ
الأخ الفاضل أبو غازي جزاك الله خيرا على ذكر الأحاديث.
أما لفظ البخاري فقد مر علي أما لفظ الإمام أحمد لعله مختصر من حديث البخاري و لم أقرأه من قبل.
أما قولك (وقد ذكرتَ أن العلة لترك النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الضحى هي اعتقاد وجوبها. هذا الذي فهمته منك.
ولكن حديث عائشة يخالف ما تذهب إليه.
قال الإمام مسلم: حدثنا يحيى بن يحيى. قَال: قرأت على مالِك عنِ ابن شهاب عن عروَة عن عائشة، انَها قالت: ما رأيت رسولَ اللهِ يصلي سُبحَةَ الضحى قط. و إني لأسبحها. و إن كان رسول الله ليدع العمل، وهو يُحب أَن يعمل بِهِ، خَشية أَن يعمل به الناس، فيفرض عليهِم.).
أخي الفاضل لو تدبرت الحديث جيدا رأيته حجه على ما قررته أنا و كان فهمي موافق تماما لفهم عائشه رضي الله عنها في ترك النبي صلى الله عليها بعض السنن خشية أن تفرض و يشقوا على أنفسهم او يعجزوا عنها كما عبر النبي صلى الله عليه و سلم في حديث قيام الليل في رمضان.
فعائشة رضي الله عنها عللت ترك النبي صلى الله عليه و سلم لهذه السنة خشية أن تفرض عليهم.
و خشية النبي صلى الله عليه و سلم هذه كما ذكرنا لسببين:
الأول: خشية أن تفرض عليهم و بعد موت النبي صلى الله عليه و سلم انقطع الوحي فيخشى أن يعتقد بعض الناس السنة واجبا.
و عائشه رضي الله عنها كانت تعرف أنه ليس بواجب و تعتقد هذا و كانت تعرف العلة التي ترك النبي صلى الله عليه و سلم لها ترك المداومة على سنة الضحى فالعلة بالنسبة لعائشه رضي الله عنها منتفية من كلا الوجهين وجه نزول فرضيتها لإنقطاع الوحي و وجه اعتقادها لوجوبها لأنها تعرف سنيتها و أبلغ من ذلك تعرف علة ترك النبي صلى الله عليه و سلم المداومة عليها.
لذا هنا يمكننا الجمع بين حديث عائشه رضي الله عنها و حديث أبي هريرة عند أبي داود بهذا اللفظ قال أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث لا أدعهن في سفر ولا حضر ركعتي الضحى وصوم ثلاثة أيام من الشهر وأن لا أنام إلا على وتر وأخرجه البخاري ومسلم دون قوله: في سفر ولا حضر.
فحديث أبي هريرة رضي الله عنه كذلك مؤيد لما ذهبت إليه أن العالم قد يترك ما هو مسنون خشية أن يظن الناس وجوبه فيشق عليهم فالنبي صلى الله عليه و سلم أمر أبا هريرة بالمداومة على ركعتي الضحى و عائشه رضي الله عنها تقول ما رأيته يسبحن سواء أرادت أنه لم يسبحهن عندها قط أو أنه كان لا يداوم عليهن فكلا المعنيين يفيد أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يترك ما هو مسنون او يترك المداومة عليه خشية أن يظن الناس أنه واجب أو أن يفرض عليهم فيشقوا على أنفسهم.
و الحكم كما أجمع الأصوليون يدور مع علته وجودا و عدما خاصة إذا كانت العلة منصوص عليها ففي حديث عائشه رضي الله عنها بينت علة ترك النبي صلى الله عليها لصلاة الضحى و هي خشية أن تفرض عليهم و خشية أن يشقوا على أنفسهم إذا فرضت عليهم و هذه العلة منتفية عند عائشة و عند أبي هريرة فكلاهما يعلم سنيتها و لو علم النبي صلى الله عليه و سلم أنها تشق على أبي هريرة لما أمره بالمداومة و ليس معنى المداومة هنا تنزيل العبادة المسنونة منزلة الواجبة فهم أعلم باللغة و الشرع من المتأخرين لذا كانوا يميزون الفاظ النبي صلى الله عليه و سلم لغة و شرعا بل و يميزون أفعال النبي صلى الله عليه و سلم و ما يريد بها.
فالعلم بسنيتها يلزم منه عدم الإلتزام بها كما يلتزم بالواجب فتارك الواجب يستشعر الإثم و الذنب بسبب تركه للواجب بخلاف معتقد السنية فلا يستشعر هذا الشعور بسبب اعتقاده للسنية لذا كان بعض الصحابة يوتر قبل أن ينام و بعضهم يوتر بواحدة مع أن قيام الليل لم يكن النبي صلى الله عليه و سلم يتركه لا في سفر و لا في حضر و كان صلى الله عليه و سلم يصلي من القيام غالبا في الثلث الأخير من الليل و يصلى إحدى عشرة ركعه و لم يكن الصحابة يلتزموا بما فعله النبي صلى الله عليه و سلم حتى أن سعد بن أبي وقاص كان يوتر بواحدة بعد صلاة العشاء و إذا سأل عن ذلك كان يقول (إن الله تعالى يحب الرجل الحازم) و روي ذلك عن معاوية و سأل عنه ابن عباس رضي الله عنهما فقال إنه لفقيه.
¥