4. ما رواه الترمذي في جامعه (3474) من حديث أبي ذر – رضي الله عنه - أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: " من قال في دبر صلاة الفجر- وهو ثان رجليه - قبل أن يتكلم لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير عشر مرات كتبت له عشر حسنات ومحيت عنه عشر سيئات ورفع له عشر درجات وكان يومه ذلك كله في حرز من كل مكروه وحرس من الشيطان ولم ينبغ لذنب أن يدركه في ذلك اليوم إلا الشرك بالله " قال أبو عيسى: " هذا حديث حسن غريب صحيح ". وقال الألباني – رحمه الله -: " حسن لغيره ".
وجه الدلالة: قوله – صلى الله عليه وسلم -: " وهو ثان رجليه – قبل أن يتكلم – " فيه دلالة على أن الثواب متعلق بالمكث في نفس المكان الذي وقعت فيه الصلاة، فإذا غير مكانه فإنه لم يحقق الأسباب التي حصول المسبب وهو الثواب.
* ثالثاً: أقوال أهل العلم في هذه المسألة:
- الإمام مالك – رحمه الله -: " سئل مالك عن رجل صلى في غير جماعة ثم قعد بموضعه ينتظر صلاة أخرى أتراه في صلاة بمنزلة من كان في المسجد كما جاء في الحديث قال نعم إن شاء الله أرجو أن يكون كذلك ما لم يحدث فيبطل ذلك ولو استمر جالساً " [4].
- القاضي عياض – رحمه الله –: " قال صاحب كتاب " مواهب الجليل ": وقال بعضهم وأظنه القاضي عياضا: إنه البيت الذي اتخذه مسجداً لصلاته وإن لم يجلس في الموضع الذي أوقع فيه الصلاة، مثاله أنه إذا صلى في المسجد ثم انتقل من الموضع الذي صلى فيه ولم يخرج من المسجد إنه يبقى تدعو له الملائكة ". [5]
- ابن عبد البر – رحمه الله -: " ومصلاه موضع صلاته وذلك عندي في المسجد، لأن هناك يحصل منتظراً للصلاة في الجماعة،وهذا هو الأغلب في معنى انتظار الصلاة " [6].
- ابن رجب: - رحمه الله -: " دل هذا الحديث على فضل أمرين: أحدهما: الجلوس في المصلى وهو موضع الصلاة التي صلاها، والمراد به المسجد دون البيت " [7].
- الحافظ العراقي - رحمه الله -: " ما المراد بمصلاه؟ هل البقعة التي صلى فيها من المسجد، حتى لو انتقل إلى بقعة أخرى في المسجد لم يكن له هذا الثواب المترتب عليه، أو المراد بمصلاه جميع المسجد الذي صلى فيه؟ يحتمل كلا الأمرين والاحتمال الثاني أظهر وأرجح " [8].
- الحافظ ابن حجر – رحمه الله -: " (مصلاه) أي في المكان الذي أوقع فيه الصلاة من المسجد، وكأنه خرج مخرج الغالب، وإلا فلو قام إلى بقعة أخرى من المسجد مستمراً على نية انتظار الصلاة كان كذلك " [9]
- العلامة العيني – رحمه الله -: " فيه بيان فضيلة من انتظر الصلاة مطلقاً سواء ثبت في مجلسه ذلك من المسجد أو تحول إلى غيره " [10].
- العلامة القاري – رحمه الله -: " (من صلى الفجر في جماعة ثم قعد يذكر الله) أي استمر في مكانه ومسجده الذي صلى فيه، فلا ينافيه القيام لطواف أو لطلب علم أو مجلس وعظ في المسجد، بل وكذا لو رجع إلى بيته واستمر على الذكر حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين " [11]
- الزرقاني – رحمه الله -: " للمنتظر حكم المصلي سواء بقي في مجلسه ذلك من المسجد أم تحول إلى غيره فيمكن حمل قوله في مصلاه على المكان المعد للصلاة لا الموضع الخاص به الذي صلى فيه ... فلو قام إلى بقعة أخرى من المسجد مستمراً على نية انتظار الصلاة كان كذلك ... ولو قعدت امرأة في مصلى بيتها تنتظر وقت صلاة أخرى لم يبعد أن تدخل في معنى الحديث لأنها حبست نفسها عن التصرف رغبة في الصلاة " [12]
- وفي " الدرر السنية " سئل الشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن أبا بطين – رحمه الله - عن حديث " الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مجلسه الذي صلى فيه " هل إذا تحول من مجلسه إلى موضع آخر في المسجد يحصل له ذلك؟
فأجاب: الذي يظهر أن حكم المسجد الذي صلى فيه، حكم موضع صلاته.
- الشيخ شمس الحق العظيم آبادي صاحب كتاب " عون المعبود: " (في مصلاه) من المسجد أو البيت مشتغلاً بالذكر أو الفكر أو مفيداً للعلم أو مستفيداً وطائفاً بالبيت " [13].
¥