تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وينبه الشيخ طارق حفظه الله إلى أن وصف الترمذي رحمه الله للحديث بالحسن، لا يزاحم وصف الصحة، لأنه، كما سبق لم يقصد به الحسن الإصطلاحي، وإنما قصد معنى خاص في الرواية، كما سبق ذكر ذلك، فهو كقولك فلان طويل أبيض، فلا تعارض بين هذين الوصفين، خلاف قولك، فلان طويل قصير، فهذا غير جائز لتعارض الوصفين، وكقولك هذا حديث صحيح موقوف، فلا تعارض بين الصحة والوقف، خلاف قولك هذا حديث صحيح ضعيف، فهذا غير جائز لتعارض وصفي الصحة والضعف فيستحيل اجتماعهما، وكقولك: هذا حديث حسن موضوع، فلا إشكال إذا أردت بالحسن، الحسن اللفظي، وبالوضع، الحكم على الحديث، خلاف ما إذا قصد القائل بكلا اللفظين الحكم على الحديث من جهة الثبوت، فهذا ممتنع، فلا إشكال في إطلاق وصف: حسن صحيح، على هذا الوجه، وإنما الإشكال يقع إذا وصف الحديث بالصحة والحسن من جهة واحدة، وهي الثبوت، فهذا ممتنع.

ويميل الشيخ طارق حفظه الله، إلى أن الترمذي يقصد بالحسن، معنى وجد في الحديث، ألا وهو العمل به، كما سبق ذكر ذلك، من كلام الشيخ محمد عبد الرزاق حمزة رحمه الله، وقد وجد هذا المعنى في كلام بعض العلماء، كأحمد رحمه الله، الذي يقول أحيانا: ضعيف وعليه العمل، بل إن الترمذي رحمه الله نص على ذلك في كتاب العلل في آخر جامعه، فقال: وأحاديث هذا الكتاب كلها معمول بها.

وعليه فالصحيح ينقسم إلى قسمين: صحيح معمول به، وصحيح غير معمول به، وهو المنسوخ، كحديث أبي رضي الله: كان الماء من الماء رخصة في أول الإسلام، ثم أمر بالغسل، فهذا الحديث لا يكون حسنا عند الترمذي، لأنه غير معمول به.

وينبه الشيخ طارق حفظه الله، إلى مسألة مهمة جدا، متعلقة بحديث: إنما الأعمال بالنيات …، فهو حديث غريب غرابة مطلقة، من جهة لفظه، لأنه لم يصح إلا من طريق عمر رضي الله عنه، وأما من جهة معناه، فهو ليس غريبا، بل يصل إلى حد التواتر المعنوي، لكثرة شواهده.

مسألة: الراوي الضعيف ضعفا غير محتمل، لايعتبر بحديثه، وإن لم يكن متهما، وعليه فهذا الضرب من الرواة، لا يحسن حديثهم عند الترمذي أو غيره، وقد أكد العلماء على ذلك، لأن بعض أهل البدع، قصروا عدم الإعتبار على المتهم فقط، ولم يلتفتوا لضعف الحفظ، وإن كان فاحشا.

¨ وجدير بالذكر أن هناك من قال بأن الترمذي يقصد بهذا المصطلح الحكم على الحديث بالصحة وأن زيادة لفظ حسن من باب التأكيد على صحة هذا الحديث.

ولا بد من أمثلة تبين المراد:

المثال الأول:

يقول الإمام البخاري: ((وحديث أنس في هذا الباب ـ أي في حد السكران ـ حسن) بينما قال فيه الإمام الترمذي: ((حديث أنس حسن صحيح)). وحديث أنس هذا متفق على صحته، فقد أخرجه البخاري ومسلم من طريق شعبة وهشام عن قتادة عن أنس (وهما أثبت الناس في قتادة بالإضافة إلى سعيد بن أبي عروبة)، والرواة عن شعبة وهشام كلهم ثقات أجلاء، بل هو أصح حديث عند مسلم إذ صدر به موضوع الباب، فالحديث في أعلى درجات الصحة، فوصف الحديث بالحسن والصحة معا، إنما هو من قبيل التأكيد على صحة الحديث.

المثال الثاني:

ويقول الترمذي: سألت محمداً، فقلت: أي الروايات في صلاة الخوف أصح، فقال: كل الروايات عندي صحيح، وكل يستعمل، وحديث سهل بن أبي حثمة هو حديث حسن وحديث عبدالله بن شقيق عن أبي هريرة حسن وحديث عروة بن الزبير عن أبي هريرة حسن. فأطلق الإمام البخاري على الحديث الذي صح عنده صحيحاً كما أطلق عليه الحسن حين فصل تلك الروايات، ومنها ما رواه مسلم في صحيحه، وهو حديث سهل بن أبي حثمة، بل صححه الترمذي وقال: ((حسن صحيح)) وكذا عبدالله بن شقيق قال الترمذي فيه ((حسن صحيح غريب من عبدالله بن شقيق)) وعبدالله بن شقيق ثقة، وأما حديث عروة عن أبي هريرة رواه النسائي.

ويقول د/ حمزة المليباري حفظه الله:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير