وهكذا الأشباه يكون المسلمون في الصلوات الفرض والتطوع وهم في الصفير والتصفيق
قال ابن عباس: كانت قريش يطوفون بالبيت عراة ويصفرون ويصفقون
وقال مجاهد: كانوا يعارضون النبيفي الطواف ويصفرون ويصفقون يخلطون عليه طوافه وصلاته ونحوه عن مقاتل
ولا ريب أنهم كانوا يفعلون هذا وهذا
كتاب إغاثة اللهفان، الجزء 1، صفحة 244.
فالمتقربون إلى الله بالصفير والتصفيق أشباه النوع الأول وإخوانهم المخلطون به على أهل الصلاة والذكر والقراءة أشباه النوع الثاني
قال ابن عرفة وابن الأنباري: المكاء والتصدية ليسا بصلاة ولكن الله تعالى أخبر أنهم جعلوا مكان الصلاة التي أمروا بها: المكاء والتصدية فألزمهم ذلك عظيم الأوزار وهذا كقولك: زرته فجعل جفائي صلتي أي أقام الجفاء مقام الصلة
والمقصود: أن المصفقين والصفارين في يراع أو مزمار ونحوه فيهم شبه من هؤلاء ولو أنه مجرد الشبه الظاهر فلهم قسط من الذم بحسب تشبههم بهم وإن لم يتشبهوا بهم في جميع مكائهم وتصديتهم والله سبحانه لم يشرع التصفيق للرجال وقت الحاجة إليه في الصلاة إذا نابهم أمر بل أمروا بالعدول عنه إلى التسبيح لئلا يتشبهوا بالنساء فكيف إذا فعلوه لا لحاجة وقرنوا به أنواعا من المعاصي قولا وفعلا
فصل وأما تسميته رقية الزنى فهو اسم موافق لمسماه ولفظ مطابق
لمعناه فليس في رقى الزنى أنجع منه وهذه التسمية معروفة عن الفضيل بن عياض قال ابن أبي الدنيا: أخبرنا الحسين بن عبدالرحمن قال: قال فضيل بن عياض: الغناء رقية الزنى
قال: وأخبرنا إبراهيم بن محمد المروزي عن أبي عثمان الليثي قال: قال يزيد بن الوليد: يا بني أمية إياكم والغناء فإنه ينقص الحياء ويزيد في الشهوة ويهدم المروءة وإنه
كتاب إغاثة اللهفان، الجزء 1، صفحة 245.
لينوب عن الخمر ويفعل ما يفعل السكر فإن كنتم لا بد فاعلين فجنبوه النساء فإن الغناء داعية الزنى
قال: وأخبرني محمد بن الفضل الأزدي قال: نزل الحطيئة برجل من العرب ومعه ابنته مليكة فلما جنه الليل سمع غناء فقال لصاحب المنزل: كف هذا عني فقال: وما تكره من ذلك فقال: إن الغناء رائد من رادة الفجور ولا أحب أن تسمعه هذه يعني ابنته فإن كففته والإ خرجت عنك
ثم ذكر عن خالد بن عبدالرحمن قال: كنا في عسكر سليمان بن عبد الملك فسمع غناء من الليل فأرسل إليهم بكرة فجىء بهم فقال: إن الفرس ليصهل فتستودق له الرمكة وإن الفحل ليهدر فتضبع له الناقة وإن التيس لينب فتستحرم له العنز وأن الرجل ليتغنى فتشتاق إليه المرأة ثم قال: اخصوهم فقال عمر بن عبد العزيز: هذه المثلة ولا تحل فخل سبيلهم قال: فخلى سبيلهم
قال: وأخبرنا الحسين بن عبدالرحمن قال: قال أبو عبيدة معمر بن المثنى: جاور الحطيئة قوما من بني كلب فمشى ذو الدين منهم بعضهم إلى بعض وقالوا: يا قوم إنكم قد رميتم بداهية هذا الرجل شاعر والشاعر يظن فيحقق ولا يستأني فيتثبت ولا يأخذ الفضل فيعفو فأتوه وهو في فناء خبائه فقالوا: يا أبا مليكة إنه قد عظم حقك علينا يتخطيك القبائل إلينا وقد أتيناك لنسألك عما تحب فنأتيه وعما تكره فنزدجر عنه فقال: جنبوني ندي مجلسكم ولا تسمعوني أغاني شبيبتكم فإن الغناء رقية الزنى فإذا كان هذا الشاعر المفتون اللسان الذي هابت العرب هجاءه خاف عاقبة الغناء وأن تصل رقيته إلى حرمته فما الظن بغيره ولا ريب أن كل غيور يجنعب أهله سماع الغناء كما يجنبهن أسباب الريب ومن طرق أهله إلى سماع رقية الزنى فهم أعلم بالإثم الذي يستحقه
كتاب إغاثة اللهفان، الجزء 1، صفحة 246.
ومن الأمر المعلوم عند القوم: أن المرأة إذا استصعبت على الرجل اجتهد أن يسمعها صوت الغناء فحينئذ تعطي الليان
وهذا لأن المرأة سريعة الانفعال للأصوات جدا فإذا كان الصوت بالغناء صار انفعالها من وجهين: من جهة الصوت ومن جهة معناه ولهذا قال النبيلانجشة حادية: يا أنجشة رويدك رفقا بالقوارير يعني النساء
فأما إذا اجتمع إلى هذه الرقية الدف والشبابة والرقص بالتخنث والتكسر فلو حبلت المرأة من غناء لحبلت من هذا الغناء
¥