هذا الشيخُ ... يجهلُ هذه المسألة .. !!
ـ[أبو عبد الله المَرشَدي]ــــــــ[09 - 09 - 04, 12:35 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أيّها الإخوة الكرام في هذا الملتقى الحافل ..
حضرتُ ليلةً في مجلس أحد الشيوخ الأجلاّء، وكان يشرح كتاباً في الحديث، فلمّا انقضى الدرس سأله سائلٌ عن النومِ على البطن هل ورَدَ فيه نهيٌ، .. وقد كان يُنتظَرُ أن يذكرَ الشيخُ ما وردَ في تلك المسألة، وهل النهيُ للكراهة أم للتحريم .. وما إلى ذلك، غيرَ أنّ الذي فاجأَ الكثيرين من طلبَة الشيخ أنّه أجاب بعدم معرفتِهِ بالنهي مطلقاً .. !!
عند ذلك تذكّرتُ مجلساً لشيخٍ كان يشرحُ فتح المجيد في المسجد وكان ذلك أوائل الطلب، فلمّا بلغ القارئُ ذِكرَ (الفربري) صاحب الإمام البخاري قال الشيخ رحمه الله تعالى: (هذا خطأٌ ولعلّ الصواب: الفريابي!!).
هذان الموقفان المتباعدان زمناً والمتقاربانِ موضوعاً .. خرجتُ منهما بفوائد:
الأولى: أنّ العالم يؤخذُ عنهُ في فنِّهِ الذي يُحسِنُه، ولذا: كان الشيخُ الأوّلُ إماماً في علم الاعتقاد والفِرَق، وكان الآخَرُ فقيهاً متقِناً.
الثانية: أنّ من حكمة الباري تعالى: أنّه هو وحده تفرّد بالكمال، وأمّا البشر فهُم محلّ النقصِ والزلَل، وموضعُ الخطأ والخطَل.
الثالثة: لا يحْملَنّك خطأُ الشيخِ على أن تفارِق مجلِسَهُ؛ أو أن تُشهّرَ بهِ واحفظ حقّ شيخِك.
الرابعة: لا تُشنّع في الردّ على خطأ الشيخ بل التزِم الأدبَ واستغنِ بالإشارة عن العبارة وليكُن ذلك سرّاً ولْتكن هيئتُك هيئةَ المسترشد والمستفيد.
ويحضرُني في هذا الشأن: هذه الحكاية العجيبة:
فقد حكى القاضي ابن العربي المالكي - رحمه الله - في كتابه:
(أحكام القرآن) (1/ 248)
" أخبرني محمد بن القاسم العثماني غير مرة، قال: وصلتُ الفُسطاط مرة، فجئتُ
مجلس الشيخ أبي الفضل الجوهري، وحضرتُ كلامه على الناس، فكان مما قال
في أول مجلس جلست ُ إليه: إن النبي صلى الله عليه وسلم طلّق وظاهر وآلى!
فلما خرج تبعته حتى بلغتُ معه إلى منزله في جماعة، فجلس معنا في الدّهليز،
وعرّفهم أمري؛ فإنه رأى إشارة الغربة ولم يعرف الشخص قبل ذلك في الواردين
عليه، فلما انفض عنه أكثرهم قال لي: أراك غريبا، هل لك من كلام؟ قلت: نعم،
قال لجلسائه: أفرجوا له عن كلامه، فقاموا وبقيتُ وحدي معه، فقلتُ له:
حضرتُ المجلس اليوم متبركا بك، وسمعتك تقول: آلى رسول الله صلى الله عليه
وسلم؛ وصدقتَ، وطلّق رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وصدقتَ، وقلتَ:
وظاهر رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وهذا لم يكن! ولا يصح أن يكون؛ لأن
الظّهار منكر من القول وزور؛ وذلك لا يجوز أن يقع من النبي صلى الله عليه
وسلم، فضمّني إلى نفسه وقبّل رأسي، وقال لي: أنا تائب من ذلك، جزاك الله
عنّي من مُعلّم خيرا.
ثم انقلبتُ عنه، وبكّرتُ إلى مجلسه في اليوم الثاني، فألفيته قد سبقني إلى الجامع
وجلس على المنبر، فلما دخلتُ من باب الجامع ورآني، نادى بأعلى صوته:
مرحبا بمُعلّمي؛ أفسحوا لمُعلّمي، فتطاولت الأعناق إليّ، وحدّقت الأبصار نحوي،
وتبادر الناس إليّ يرفعونني على الأيدي، ويتدافعونني؛ حتى بلغتُ المنبر، وأنا
لعظم الحياء لا أعرف في أيّ بقعة أنا من الأرض، والجامع غاصٌّ بأهله، وأسال
الحياء بدني عرقا، وأقبل الشيخ على الخلْق فقال لهم: أنا مُعلّمُكم، وهذا مُعلّمي؛
لمّا كان بالأمس قلتُ لكم: آلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وطلّق، وظاهر؛
فما كان أحد منكم فَقِهَ عنّي ولا ردّ عليّ، فاتّبعني إلى منزلي وقال لي كذا وكذا -
وأعاد ما جرى بيني وبينه -، وأنا تائب عن قولي بالأمس، وراجع عنه إلى الحق؛
فمن سمعه ممن حضر فلا يُعوّل عليه، ومن غاب فلْيُبلّغْه من حضر؛ فجزاه الله
خيرا، وجعل يحْفِلُ في الدعاء، والخَلْقُ يُؤمّنون ".
قال ابن العربي رحمه الله تعالى: " فانظروا - رحمكم الله - إلى هذا الدين المتين،
والاعتراف بالعلم لأهله على رؤوس الملأ من رجل ظهرت رياسته، واشتهرت
نفاسته، لغريب مجهول العين لا يُعرف مَنْ؟ ولا مِنْ أين؟ فاقتدوا به ترشدوا ".
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[09 - 09 - 04, 01:01 م]ـ
جزاك الله خيراً
وإذا كان الشيخ الأول أراد بما قلتَه عنه أنه ((أجاب بعدم معرفتِهِ بالنهي مطلقاً)):
أن الحديث لا يصح: فلا يُستغرب منه هذا لأن هذا قول طائفة من أهل الحديث كما سبق في هذا المنتدى
والله أعلم
ـ[أبو عبد الله المَرشَدي]ــــــــ[09 - 09 - 04, 02:02 م]ـ
وإيّاك يا شيخ إحسان ..
لم يكن الأمر كذلك أخي الكريم، بِدليل أنّهُ قُرئَ عليه نصّ الحديث فاستغربهُ ..
ـ[عبدالله الفاخري]ــــــــ[09 - 09 - 04, 02:35 م]ـ
الله أكبر.
قصة الإمام ابن العربي المالكي رحمه الله ينبغي أن تكتب بماء الذهب
¥