[مسألة: هل يحصل للمتخلف عن العمل الصالح مع نيته له أجر؟!]
ـ[عبدالله المزروع]ــــــــ[30 - 07 - 04, 06:58 م]ـ
[مسألة: هل يحصل للمتخلف عن العمل الصالح مع نيته له أجر؟!]
بالنظر في المسألة المذكورة يمكن تقسيم من تخلف عن العمل الصالح بعد أن نواه وهمَّ به إلى قسمين:
القسم الأول: من كان يعمل هذا العمل في حال عدم العذر، ثم عجز عنه – مع رغبته فيه –، فإنه يكتب له أجر العمل كاملاً.
والدليل على ذلك: ما خرجه البخاري (2996) عن أبي موسى الأشعري – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم –: " إذا مرض العبد أو سافر، كتب له مثل ما كان يعمل مقيماً صحيحاً ".
القسم الثاني: أن لا يكون من عادته عمل هذه الطاعة في حال عدم العذر؛ ولكنه همَّ بعملها، فهذا القسم لا يخلو من حالات:
الحالة الأولى: أن يهم بالطاعة ثم يتركها كسلاً وتهاوناً؛ فهذا يثاب على الهم الأول، ولكن لا يثاب على الفعل؛ لأنه لم يفعله بدون عذر.
والدليل على ذلك: حديث ابن عباس – رضي الله عنهما –، عن النبي – صلى الله عليه وسلم – فيما يرويه عن ربه – عز وجل – قال: قال: " عن الله – عز وجل كتب الحسنات والسيئات؛ ثم بيَّن ذلك: فمن همَّ بحسنةٍ فلم يعملها كتبها الله عنده حسنةً كاملة، فإن همَّ بها فعملها كتبها الله عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف، إلى أضعاف كثيرة ... ".
الحالة الثانية: أن يهم بالطاعة، ويعزم عليها، ولكن يتركها لحسنةٍ أفضل منها؛ فهذا يثاب ثواب الحسنة العليا التي هي أكمل، ويثاب على همه الأول للحسنة الدنيا.
والدليل على ذلك: حديث جابر بن عبد الله – رضي الله عنهما – أنَّ رجلاً قام يوم الفتح فقال: يا رسول الله! إني نذرت إنْ فَتَحَ الله عليك مكة أنْ أُصلي في بيت المقدس ركعتين. قال: " صلِّ هاهنا "، ثم أعاد عليه، فقال: " صلِّ هاهنا "، ثم أعاد عليه، فقال: " شأنك إذاً ".
وجه الاستدلال: أن النبي – صلى الله عليه وسلم – أرشد من نَذَرَ الصلاة في بيت المقدس – وهو أدنى من المسجد الحرام – بالصلاة في المسجد الحرام، لأن ثوابها أكثر، فيحصِّل صلاةً مضاعفة في المسجد الحرام أكثر من بيت المقدس، وهو مع ذلك مأجور على نيته بالصلاة في بيت المقدس بالنصوص الأخرى.
الحالة الثالثة: أن يقترن بالنية قولٌ أو سعيٌ بأسبابها، ولكن لم يدرك هذا العمل؛ فهذا وقع فيه نزاع بين أهل العلم على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أنه يكتب له الأجر كاملاً مع المضاعفة، وهو اختيار القرطبي في أحكام القرآن (5/ 325 ط المهدي)، والقرطبي في المفهم (3/ 745).
القول الثاني: أنَّ له أجر النية فقط، وهو اختيار السبكي الكبير – فيما نقله ابن حجر في الفتح (6/ 159) – ولم يتعقبه ابن حجر، فلعله يرى رأيه! وهو اختيار الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله – في شرح رياض الصالحين (1/ 37).
القول الثالث: أنه يكتب له أجر النية مع العمل دون المضاعفة، وهو اختيار ابن رجب – رحمه الله – في جامع العلوم والحكم (663 ط. طارق عوض الله).
ولعل القول الثالث هو الراجح – والله أعلم –، وذلك لما يلي:
1 – قال تعالى: " لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلاً وعد الله الحسنى وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجراً عظيماً " [النساء 100].
وجه الاستدلال: أن الله – سبحانه – نفى في هذه الآية التسوية بين المؤمنين القاعدين عن الجهاد وبين المجاهدين، ثم أخبر عن تفضيل المجاهدين على القاعدين من أولي الضرر بدرجة، وتفضيل المجاهدين على القاعدين من غير أولي الضرر بدرجات.
قال ابن عباس – رضي الله عنهما –: القاعدون المفضَّل عليهم المجاهدون درجة هم القاعدون من أهل الأعذار، والقاعدون المفضَّل عليهم المجاهدون درجات هم القاعدون من غير أهل الأعذار.
2 – قوله تعالى: " ومن بخرج من بيته مهاجراً إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله " [النساء 100؟].
¥