الدَّلاَئِلُ الْوَاضِحَاتُ فِي عَدَمِ ثُبُوتِ دُعَاءِ السَّبْعِ الْمُنْجِيَاتِ
ـ[عبد الله زقيل]ــــــــ[03 - 09 - 04, 03:29 ص]ـ
الحَمْدُ للهِ وَبَعْدُ؛
انْتَشَرَ فِي المُنْتَدًياتِ الحِوارِيةِ وَالْقَوَائِمِ البَرِيدِيةِ دُعَاءٌ يُقَالُ لَهُ: " السَّبْعُ آيَاتٍ الْمُنْجِيَات " أَو " السَّبْعُ الْمُنْجِيَاتُ "، وَوزَّعهُ النَّاسُ بَيْنَهُمْ وَكَأَنَّهُ دُعَاءٌ ثَابِتٌ بالسَّنَدِ الصَّحِيْحِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَسَبَبُ انْتِشَارِهِ إِرَادَةُ النَّاسِ الخَيْرَ، وَلَكِنْ هَذَا لا يَكفِي، لأَنَّ العَمَلَ فَقَدَ شَرْطاً لا َبُدَّ مِنْهُ وَهُو المُتَابَعَةُ. وَكَمَا رُوِيَ عَنْ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود: " وَكَمْ مِنْ مُرِيد لِلْخَيْرِ لَنْ يُصِيبهُ ".
وَقَبلَ الشُّرُوعِ فِي بَيَانِ ثُبُوتِ الدُعَاءِ المَذْكُوْرِ أَو عَدَمِ ثُبُوْتِهِ، لا َبُدَّ مِنْ التَنْبِيهِ إِلَى أُمُوْرٍ مُهِمَّةٍ:
أَوَلاَ:
الإِخْلاَصُ وَالمُتَابعَةُ عِنْدَ إِرَادَةِ الأَعْمَالِ شَرْطانِ لِقَبُولِهَا.
قَالَ ابْنُ رَجَبٍ فِي " جَامِعِ الْعُلُومِ وَالْحِكَمِ " (ص 39 ط. دَارُ ابْنِ رَجَبٍ): " وَإِنَّمَا يَتِمُّ ذَلِكَ بِأَمْرَيْن:
أَحَدِهِمَا: أَنْ يَكُوْنَ العَمَلُ فِي ظَاهِرِهِ عَلَى مُوَافِقَةِ السُّنَّةِ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي تَضَمَّنَهُ حَدِيْثُ عَائِشَةَ: " مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا مَا لَيْسَ مِنْهُ، فَهُوَ رَدٌّ ".
وَالثَّانِي: أَنْ يَكُوْنَ العَمَلُ فِي بَاطِنِهِ يُقْصَدُ بِهِ وَجْهُ اللهِ كَمَا تَضَمَّنَهُ حَدِيْثُ عُمَرَ: " الأَعْمَالُ بِالنِّيَاتِ ".
وَقَالَ الفُضَيْلُ بنُ عِيَاضٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: " لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا " [المُلْك: 2]، قَالَ: " أَخْلَصُهُ وَأَصْوَبُهُ ". ثم قَالَ: " إنَّ الْعَمَلَ إذَا كَانَ خَالِصًا، وَلَمْ يَكُنْ صَوَابًا، لَمْ يُقْبَلْ، وَإِذَا كَانَ صَوَابًا، وَلَمْ يَكُنْ خَالِصًا لَمْ يُقْبَلْ، حَتَّى يَكُونَ خَالِصًا صَوَابًا "، قَالَ: " وَالْخَالِصُ أَنْ يَكُونَ لِلَّهِ. وَالصَّوَابُ أَنْ يَكُونَ عَلَى السُّنَّةِ ".ا. هـ.
قَالَ شَيْخُ الإِسْلاَمِ ابْنُ تيمِيَّة فِي " مَجْمُوْعِ الفَتَاوَى " (22/ 188) تَعْلِيْقاً عَلَى كَلاَمِ الفُضَيْلِ بنِ عِيَاضٍ: " وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الْفُضَيْلُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّهُ لَا بُدَّ لَهُ فِي الْعَمَلِ أَنْ يَكُونَ مَشْرُوعًا مَأْمُورًا بِهِ، وَهُوَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ. وَلَا بُدَّ أَنْ يَقْصِدَ بِهِ وَجْهَ اللَّهِ. كَمَا قَالَ تَعَالَى: " فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ". وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: " اللَّهُمَّ اجْعَلْ عَمَلِي كُلَّهُ صَالِحًا، وَاجْعَلْهُ لِوَجْهِك خَالِصًا، وَلَا تَجْعَلْ لِأَحَدٍ فِيهِ شَيْئًا ". وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: " بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ". وَقَالَ تَعَالَى: " وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاِتَّخَذَ اللَّهُ إبْرَاهِيمَ خَلِيلًا ".
وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنْ الشِّرْكِ. مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ غَيْرِي فَإِنِّي مِنْهُ بَرِيءٌ، وَهُوَ كُلُّهُ لِلَّذِي أَشْرَكَ بِهِ ".ا. هـ.
¥