تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثقة) ثم يشير الخميني بعد هذا إلى حديث آخر بنفس المعنى ورد في الكافي بسند ضعيف فيقول (وهذه الرواية قد نقلت باختلاف يسير في المضمون بسند آخر ضعيف، أي أنّ السند إلى أبي البختري صحيح، لكن نفس أبي البختري ضعيف والرواية هي: عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن خالد عن أبي البختري عن أبي عبد اله عليه السلام قال: (إنّ العلماء ورثة الأنبياء، وذاك أنّ الأنبياء لم يورّثوا درهماً ولا ديناراً، وإنما ورّثوا أحاديث من أحاديثهم …))

إذاً حديث (إنّ الأنبياء لم يورّثوا ديناراً و لا درهماً و لكن ورّثوا العلم) صحيح كما بيّن ذلك الخميني والمجلسي من قبله، فلماذا لا يؤخذ بحديث صحيح النسبة إلى رسول الله مع أننا مجمعين على أنه لا اجتهاد مع نص؟!! ولماذا يُستخدم الحديث في ولاية الفقيه ويُهمل في قضية فدك؟!! فهل المسألة يحكمها المزاج؟!!

إنّ الاستدلال بقول الله تبارك وتعالى عن زكريا عليه السلام {فهب لي من لدنك ولياً يرثني ويرث من آل يعقوب} على جواز توريث الأنبياء لأبنائهم استدلال غريب يفتقد إلى المنطق في جميع حيثياته، وذلك لعدة أمور هي:

أولاً: لا يليق برجل صالح أن يسأل الله تبارك وتعالى ولداّ لكي يرث ماله فكيف نرضى أن ننسب ذلك لنبي كريم كزكريا عليه السلام في أن يسأل الله ولداً لكي يرث ماله، إنما أراد زكريا عليه السلام من الله عز وجل أن يهب له ولداً يحمل راية النبوة من بعده، ويرث مجد آل يعقوب العريق في النبوة.

ثانياً: المشهور أنّ زكريا عليه السلام كان فقيراً يعمل نجاراً، فأي مال كان عنده حتى يطلب من الله تبارك وتعالى أن يرزقه وارثاً، بل الأصل في أنبياء الله تبارك وتعالى أنهم لا يدخرون من المال فوق حاجتهم بل يتصدقون به في وجوه الخير.

ثالثاً: إنّ لفظ (الإرث) ليس محصور الاستخدام في المال فحسب بل يستخدم في العلم والنبوة والملك وغير ذلك كما يقول الله تعالى {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا} وقوله تعالى {أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون} فلا دلالة في الآية السابقة على وراثة المال.

رابعاً: حديث (إنّ الأنبياء لم يورّثوا ديناراً و لا درهماً و لكن ورّثوا العلم) الذي ذكرناه آنفاً يتضمن نفي صريح لجواز وراثة أموال الأنبياء، وهذا كاف بحد ذاته.

و كذلك الحال في قوله تعالى {وورث سليمان داود} فإنّ سليمان عليه السلام لم يرث من داود عليه السلام المال وإنما ورث النبوة والحكمة والعلم لأمرين إثنين: ا لأول: أنّ داود عليه السلام قد اشتُهر أنّ له مائة زوجة وله ثلاثمائة سريّة أي أمة، وله كثير من الأولاد فكيف لا يرثه إلا سليمان عليه السلام؟!! فتخصيص سليمان عليه السلام حينئذ بالذكر وحده ليس بسديد.

الثاني: لو كان الأمر إرثاً مالياً لما كان لذكره فائدة في كتاب الله تبارك و تعالى، إذ أنّه من الطبيعي أنّ يرث الولد والده، والوراثة المالية ليست صفة مدح أصلاً لا لداود ولا لسليمان عليهما السلام فإنّ اليهودي أو النصراني يرث ابنه ماله فأي اختصاص لسليمان عليه السلام في وراثة مال أبيه!!، والآية سيقت في بيان المدح لسليمان عليه السلام وما خصه الله به من الفضل، وإرث المال هو من الأمور العادية المشتركة بين الناس كالأكل والشرب ودفن الميت، ومثل هذا لا يُقص عن الأنبياء، إذ لا فائدة فيه، وإنما يُقص ما فيه عبرة وفائدة تُستفاد وإلا فقول القائل (مات فلان وورث فلان ابنه ماله) مثل قوله عن الميت (ودفنوه) ومثل قوله (أكلوا وشربوا وناموا) ونحو ذلك مما لا يحسن أن يُجعل من قصص القرآن.

وأعجب من هذا كله حقيقة تخفى على الكثيرين وهي أنّ المرأة لا ترث في مذهب الشيعة الإمامية من العقار و الأرض شيئاً، فكيف يستجيز الشيعة الإمامية وراثة السيدة فاطمة رضوان الله عليها لفدك وهم لا يُورّثون المرأة العقار ولا الأرض في مذهبهم؟!!

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير