تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال الدّارقطني في (العلل) 7/ 112 عند الكلام على هذا الحديث: لم يرْوه غير أبي قيس، وهو مما يُغْمَزُ عليه به، لأنّ المحفوظ عن المغيرة المسحُ على الخفين. وقال عبدُ الله بنُ أحمد ـ فيما نقلَه العُقَيلي ـ: سألتُ أبي عن أبي قيس عبد الرحمن بن ثروان، فقال: هو كذا وكذا ـ وحرَّك يده ـ وهو يُخالِفُ في أحاديث. وقال الحافظ ابن حجر عنه:صدوق ربّما خالف.

ورحم الله عمر بن الخطاب القائل:

" السنّةُ ما سَنّهُ اللهُ ورسولُه صلى الله عليه وسلّم لا تجعلوا خطأَ الرأي سنّةً للأمّة "

ــ فإذا تبَيَّن لك الأمرُ وعلمت أن الحديث غير صحيح، أدركت أنه ليس للقائلين بجواز المسح على الجوربين مستندٌ شرعي إلا القياس، والمعروف أن العبادات لا يجوز فيها القياس لأنها توقيفيّة من عند الله وحده لا شريك له، لكن لمّا ثبت عن بعض الصحابة أنهم مسحوا على الجوربين والنعلين علمنا أنهم جوّزوا قياسَ الجورب على الخف، وهذا لايكون إلا إذا كان القياس جليّاً أو قياس شَبَهٍ. أي يجب أن يكون الجورب الذي قاسوه على الخف مشابهاً له في أهمِّ صفاته لذلك تجدهم يشترطون أن يكون الجورب مما يمكن متابعة المشي فيه وأن يكون ثخيناً و يغطّي الكعبين أو يكون منعّلاً.

· وإليك بيان أقوالهم: قال الحافظ ابن القيّم في تعليقاته على سنن أبي داود، بعد أن قرّر ضعفَ حديث المسح على الجوربين، وثبوته (أي المسح) عن بعض الصحابة: " .. والعمدةُ في الجواز على هؤلاء _ رضي الله عنهم _ لا على حديث أبي قيس. .. ثم قال: و قد نص الإمام أحمد على جواز المسح على الجوربين و علّل رواية أبي قيس.وهذا من إنصافه وعدله رحمه الله، وإنما عمدته هؤلاء الصحابة و صريح القياس، فإنه لايظهر بين الجوربين والخفين فرق مؤثر يصح أن يحال الحكم عليه) انتهى.

ـــ وقال الجصّاص في كتابه أحكام القرآن ج 2 سورة المائدة باب غسل الرِّجلين:

" .. والأصل فيه أنه قد ثبت أن مراد الآية الغسل على ما قدمنا , فلو لم ترد الآثار المتواترة عن النبي صلى الله عليه وسلّم في المسح على الخفين لما أجزنا المسح , فلما وردت الآثار الصحاح واحتجنا إلى استعمالها مع الآية استعملناها معها على موافقة الآية في احتمالها للمسح وتركنا الباقي على مقتضى الآية ومرادها ; ولما لم ترد الآثار في جواز المسح على الجوربين في وزن ورودها في المسح على الخفين أبقينا حكم الغسل على مراد الآية ولم ننقله عنه. فإن قيل: روى المغيرة بن شعبة وأبو موسى: (أن النبي صلى الله عليه وسلّم مسح على جوربيه ونعليه). قيل له: يحتمل أنهما كانا مجلَّدين، فلا دلالة فيه على موضع الخلاف ; إذ ليس بعموم لفظ وإنما هو حكاية فعلٍ لا نعلم (أي وَصْفَه) وأيضاً يحتمل أن يكون وضوءَ مَن لم يُحْدِث، كما مسح على رجليه وقال: (هذا وضوء من لم يحدث). ومن جهة النظر اتفاق الجميع على امتناع جواز المسح على اللفافة ; إذ ليس في العادة المشي فيها، كذلك الجوربان. وأما إذا كانا مجلَّدين فهما بمنزلة الخفين ويمشي فيهما وبمنزلة الجرموقين، ألا ترى أنهم قد اتفقوا على أنه إذا كان كله مجلداً جاز المسح؟ ولا فرق بين أن يكون جميعه مجلداً أو بعضه بعد أن يكون بمنزلة الخفين في المشي والتصرف. انتهى

ــ وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عندما سُئِلَ عن المسح على الجوربين:

" نعم يجوز المسح على الجوربين إذا كان يمشي فيهما، سواءٌ كانت مجلّدة، أو لم تكن، في أصح قولي العلماء. ففي السنن: (أن النبي صلى الله عليه وسلّم مسح على جوربيه ونعليه) وهذا الحديث إذا لم يثبت فالقياس يقتضي ذلك، فإن الفرق بين الجوربين والخفّين إنما هو كون هذا من صوف وهذا من جلود، ومعلوم أن مثل هذا الفرق غير مؤثر في الشريعة، فلا فرق بين أن يكون جلوداً أو قطناً، أو كتاناً , أو صوفاً كما لم يفرق بين سواد اللباس في الإحرام وبياضه ومحظوره ومباحه، وغايته أن الجلد أبقى من الصوف فهذا لا تأثيرله، كما لا تأثير لكون الجلد قوياً، بل يجوز المسح على ما يبقى وما لا يبقى ". انتهى اُنظرالفتاوى ج21 صـ 214

ـــ و قال الإمام النووي في كتابه المجموع شرح المهذّب ج 1 صـ 564:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير