فهل تعلم أخي الحبيب أن أحداً من السلف قال ببدعية السبحة؟ دلنا عليه جزاكم الله كل خير، وجمعنا وإياك برسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – في الفردوس الأعلى ..
فإن قال قائل ما دام العد بالأصابع أولى وأفضل من السبحة فلم استخدام السبحة؟
قلنا وبالله التوفيق: قال الإمام ابن القيم - رحمه الله تعالى -:" قد يعرض للمفضول ما يجعله أولى من الفاضل بل يعينه، فلا يجوز أن يعدل عنه إلى الفاضل، وهذا كالتسبيح في الركوع والسجود، فانه أفضل من قراءة القرآن فيهما، بل القراءة فيهما منهي عنها نهي تحريم أو كراهة ...... أ. هـ وذكر بعض الأمثلة الأخرى (الوابل الصيب)
وهنا قد يحتاج رجل أو امرأة عجوز لا يستطيع العد على اليد، أو إمام دائما الناس تقبل عليه بعد الصلاة، فيلتبس عليه العد، أو رجل جاهل لا يستطيع العد إلا بتركيز يخرجه عن التدبر و التفكر في المعاني، أو متعبد متأسي برسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – والسلف الصالح قديما و حديثا في اتخاذ ورد له، قد يعجز في عده على الأصابع. فهل نجبر العجوز على العد باليد وإن أدى ذلك إلى ترك الذكر كلية وقد حدث. أو أن يصد الإمام هذا المستعجل الذي له معاش انشغل به، أو أن يستمع له الإمام ويترك العد أو الذكر أو الأهم وهو التدبر، أو نجبر الجاهل على العد باليد وإن أدى ذلك إلى التباس العدد عليه فيترك العد نهائيا، أو أن ينشغل بالعدد على حساب المقصود الأهم الأعظم وهو التدبر والتفكر في المعاني، أو يترك المتعبد المحافظة والدوام على ورده.
أم نيسر على هؤلاء جميعا ونعطيهم شيئا يضبط العدد لأن ضبطه مهم ويفرغهم للأهم وهو التدبر والتفكر في المعاني وقد ورد التيسير والعد على الحصى في أقل من ذلك فقد روى ابن أبي شيبة في مصنفه بسند صحيح "عن صالح بن درهم قال: سمعت عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما – و سئل عن السعي بين الصفا والمروة. فقال ابن عمر- رضي الله عنهما – للسائل (افتح بالصفا واختم بالمروة، فإن خشيت ألا تحصي فخذ معك أحجارا أو حصيات فألق بالصفا واحدة وبالمروة أخرى.)
انظر إلى الفقه والتيسير لمن فهم وأشرب مقاصد الشريعة المباركة، الاهتمام بالمهم في عد سبع جعله يأخذ معه حصى لأن هذا دأب الشريعة المباركة التيسير ورفع الحرج من جهة كما هو في القواعد المقررة أن الأمر إذا ضاق اتسع، وأن المشقة تجلب التيسير، وكذلك الحرج مرفوع عن هذه الأمة، ومن جهة أخرى اهتماما بالأهم حتى لا يكون همه في السعي العدد بل يتفرغ للأهم، للأعمال القلبية، وإ قامة ذكر الله تعالى،وهذا أيضا من دأب الشريعة المباركة.
يقول الإمام ابن القيم - رحمه الله تعالى-:إن جميع الأعمال إنما شرعت لإقامة ذكر الله تعالى والمقصود بها تحصيل ذكر الله تعالى قال تعالى {وأقم الصلاة لذكري} وعن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: "إنما جعل الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله تعالى " أبو داوود والترمذي وقال حسن صحيح
فان قال قائل: أكثر ما ورد في العدد مائة، فهل يجوز الزيادة على ذلك؟ وهل يشترط أن يكون له ورد؟
نقول وبالله التوفيق: أولا- جاء النص في أكثر من مائة، عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من قال: (لا اله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير مائتي مرة في يوم لم يسبقه أحد كان قبله ولم يدركه أحد كان بعده إلا بأفضل من عمله) روى الإمام أحمد في مسنده بسند صحيح حديث رقم 6740، 7005
ثانيا- فعل الصحابة الكرام – رضي الله عنهم – في ا لعد أكثر من مائة وهم الذين عاشوا في زمن الوحي وأشربوا مقاصد التشريع،
قال أبو هريرة – رضي الله تعالى عنه –:"إني لأستغفر الله وأتوب إليه كل يوم اثني عشر ألف مرة وذلك على قدر ذنبي" تذكرة الحفاظ 1/ 35 وأخرجه أبو نعيم في الحلية بسند صحيح
وقال الحافظ السيوطي - رحمه الله - في المنحة: روى الحافظ عبد الغني في الكمال في ترجمة أبي الدرداء عويمر – رضي الله تعالى عنه – أنه كان يسبح في اليوم مائة ألف تسبيحة،وذكر أيضا عن سلمة بن شيبيب قال كان خالد بن معدن يسبح في اليوم أربعين ألف تسبيحة. ا.هـ
¥