وإنما أضر الناس وحال بينهم وبين تبين منهج السلف هذا=ما استقرت عليه كتب أصول الفقه وتأثرها بطريقة المناطقة في الحجيات .. وأنه لا يكون حجة إلا ما ذكرت حجيته صريحة في نصوص الوحي .. وهذا خلل كبير لأن الوحيين أصلاً لم يقصدا لبيان الحجيات لأن الحجة فيهما لا في غيرهما ..
والمطلوب هو معرفة مراد الله ومراد رسوله .. فكان السلف يستدلون بكل ما يظنونه يهدي إلى المطلوب بقطع النظر عن سريانه على نهج المناطقة في الحجيات والبراهين ..
ـ[أبو هريرة السلفي]ــــــــ[30 - 07 - 08, 06:29 م]ـ
ومن نظر في عمل السلف في القرون المفضلة وعصر الأئمة لاح له هذا واتضح .. ووجدهم ينكررون على بعضهم بمجرد قول مالم يقل .. ووجد في كلامهم عدم العمل بالديل لعدم الوقوف على القائل به.
1/ عدم العلم بالمخالف في المعاني اللغوية للألفاظ التي وردت في الكتاب و السّنة هاته حجّة ... فلما يأتي شخص و يدّعي بأنّ العلو من معانيه الإستيلاء فهذا يرّد عليه بأنّنا لا نعلم هذا المعنى عن من سبقه من العرب و لا نعلم هذا المعنى عن العرب في الآيات التي ورد فيها بأنّ "الرّحمن على العرش استوى" ... ففي مثل هاته الحالة عدم العلم بالمخالف حجّة لأنّه لا يوجد ما يعارضه في اللغة و لأنّه لا يمكننا فهم الدّين إلا باعتبار حجّية فهم ما نُقل إلينا من كلام العرب و إن لم نقف على جميع كلامهم.
2/ و لكن عدم العلم بالمخالف لمن يقول باستحباب شيء؛ قواعد أصول الفقه تدل على وجوبه: فلا. عدم العلم بالمخالف لمن يقول بنسخ حكم شرعي؛ قواعد أصول الفقه تدل على عدم ذلك: فلا. عدم العلم بالمخالف لمن يقول بتخصيص عموم نص شرعي؛ قواعد أصول الفقه تدل على عدم ذلك: فلا.
= فإن قيل لما: فأقول: عدم العلم بالمخالف في الأول حجّة بدليل أنّ ما لا يتم فهم الدّين إلا به فهو حجّة و أما في الثاني فلا يوجد الدليل على اعتباره حجّة شرعية لوجود ما يعارضه من حديث: "من أحدث في أمرنا هذا ما يس منه فهو ردّ" و احتمال خطأ القول الذي نُقلَ إلينا وارد و هذا بخلاف الحالة الأولى التي انتفى فيها هذا الإحتمال بسبب أنّ لا سبيل لفهم كلام الشارع إلا باعتبار حجّية هذا الأمر و إلا اقتضى الأمر إلى تعطيل الشرع.
= ففي حالتنا الثانية لا عبرة بما يُظن عند البعض أنّه إجماع ظني و لا يعتبر حجّة شرعية دائما و بإطلاق:
أولا: لأنّه حتى الآن لا يمكن الإحاطة بجميع أقوال المجتهدين في مثل هاته المسائل حتى من مجتهدي عصر الصحابة فقد بدأ تفرّقهم في الأمصار في حياة النّبي صلى الله عليه و سلّم.
ثانيا: عدم العلم بالمخالف ههنا لا يوجد ما يَدُلُ على حجّيته.
ـ[أبو هريرة السلفي]ــــــــ[30 - 07 - 08, 06:51 م]ـ
ومن نظر في عمل السلف في القرون المفضلة وعصر الأئمة لاح له هذا واتضح .. ووجدهم ينكررون على بعضهم بمجرد قول مالم يقل .. ووجد في كلامهم عدم العمل بالديل لعدم الوقوف على القائل به.
أظن أنّ ما ستنقله لي لو طلبت منك التمثيل؛ على فرض التسليم لك بصحة ثبوته و صحة دلالته على مقصودك: أنّه فعل آحاد السلف و فعل آحاد السلف ليس بحجّة بمجرده حتى تُثبتَ:
1/ إما حصول الإجماع على ذلك المذهب: و هذا مما لا يمكن ادّعاؤه؛ لكون هاته المسائل ظنية تحتمل الإختلاف في الإجتهاد و ليس لدينا إمكانية الإحاطة التامة لجميع أقوال مجتهدي ذلك العصر في هاته المسألة.
2/ أو تثبت أنّ عدم العلم بالمخالف حجّة في هذا الأمر: و هنا يقال لك أنت أصلا تُريد إثبات حجّية القول الذي لا يعلم فيه مخالف في مثل هاته المسائل؛ فنكون قد رجعنا لنفس السؤال؟
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[30 - 07 - 08, 07:16 م]ـ
عدم العلم بالمخالف يقود بالناظر إلى قيام ظن بوجود النص الآخر المعارض ... وإلى قيام ظن بخطأ فهم الناظر من الدليل الذي أقامه هو معارضاً لعدم العلم ..
دع عنك أن مسألة وجود ((عدم العلم بالمخالف)) كدليل واحد في المسألة شئ نظري ..
وكل ما يقال فيه: لا نعلم بين أهل العلم خلاف في كذا .. لابد أن تجد مع هؤلاء العلماء دليل وإن خفي على البعض .. فالمعارضة لا تُقام بين مجرد عدم العلم بالمخالف وبين النص ..
محل البحث: هل يصلح أن يكون عدم العلم بالمخالف معضداً للدليل مؤدياً لإضعاف الثقة في النص الذي مع الناظر والذي لا يُعلم به قائل (؟)
الجواب: نعم يصلح في أجناس الأحكام كلها وهذا هو عمل السلف ...
والتفريق بين الصورتين اللذين ذكرتهما تفريق ضعيف .. بل لعل المخالفة في معاني الألفاظ أوجه من المخالفة في دلالات الأحكام .. بل هي أوجه من غير لعل ..
والحق-من غير أن تغضب مني- أن أغلب من يتكلم في تلك المسائل صنع كصنيع الأصوليين ..
الأصوليون كتبوا أصول فقه غير مأخوذة-في الغالب-من تصرفات الأئمة في الفقهيات، ولم يعمل بها أكثر هؤلاء الأصوليين في تفقههم ... فكتبوا علماً معلقاً في الهواء من غير أساس ولا تفريع ..
ونفر كبير من إخواننا الذين يتكلمون في الإجماع وعدم العلم بالمخالف وقول مالم يقل=تحصيلهم في فروع الفقه ضعيف، وتبصرهم بمناهج الأئمة المتقدمين في الاستنباط الفقهي يكاد يكون معدوماً ..
والذي لم يقرأ كتب محمد بن الحسن وأبي يوسف والأوزاعي والشافعي ومسائل أحمد، ومن قبلُ .. فقه التابعين وتصرفات الصحابة=لا يستطيع الاهتداء إلى كتابة حقة منصفة في تلك الأبواب التي نتكلم فيها ..
وليس مع من يريد الكلام بغير هذا التتبع والاستقراء إلا ترهات عقلية منطقية لا علاقة لها بتصرفات الأئمة في فقههم ... وإنما هي أصول عقلية لفقه لم يوجد قط ولا كتب به واحد من السلف ...
¥