خامساً: أن بعض ما يقال إنه شهادة لهؤلاء، هو إخبار عن آرائهم الخاصة في موضوع الدعوى، وهذه ليست شهادة. ومثال ذلك: ما قاله الدكتور محمد بن عمر بن عبدالله زبير، حيث قال: ( ... إن المروة لا علم لي بها، وأما الصفا فالذي كنت أشاهده أن الذي يسعى كان ينزل من الصفا ويدخل في برحة عن يمينه، وهذه البرحة يعتبرونها من شارع القشاشية ثم يعود إلى امتداد المسعى بما يدل على أن المسعى في تلك الأماكن أوسع ... ). وقوله هذا فيه إبداء وجهة نظره الخاصة واستنتاجاته حول الموضوع، كما في قوله (بما يدل ... إلخ)، وأما المروة فقد قرَّرَ أنه لا علم له بها! وكذلك حال تقرير الدكتور درويش جستنية حيث قال: (وهذا يعني ... ). وأيضاً محمد بن حسين جستنية، فإنه قال في تقريره: ( ... ، والظاهر أنه يمتد إلى المدعى ... ).
سادساً: أن بعض الشهود قرر ما يعلمه في المروة فقط، وأما الصفا فلم يذكر إلا ما ذكره أهل العلم. والأمثلة موجودة في أصل البحث.
سابعاً: أن العلماء يشترطون في قبول الشهادة في مثل هذه الأمور أن تكون عن حس لا عن ظن، وهو أمر غير ظاهر في شهادة هؤلاء الشهود، بل هي أقرب ما تكون إلى الظنون، فلم يقطعوا بالإخبار عن مشاهدة، ولكنهم يتوقعون، ويقدِّرون، ويظنون.
ثامناً: أن الملاحظ على هذه الشهادات أنها غير متطابقة، فمنهم من لا يذكر الامتداد، ومنهم من أثبت الامتداد ولا يذكر المسافة، والذين أثبتوها على خلاف كم هي؟ ولم يتفق اثنان على قول واحد، وإن كان الغالبية يرون – حسب ذاكرتهم – أن هناك زيادة على الموجود حالياً.
فإن قيل: شهادات هؤلاء تعتبر (إثباتا مقدَّماً على نفي من ينفي).
فالجواب:
1 - لم يجتمع أهل تلك الشهادات على إثبات شيء واحد بل هم مختلفون، أمَّا من يقال فيهم (النفاة)، فهم ثابتون على حد معين. وبقلب الدليل يصبح النفاة هم المثبتين، والمثبت مقدم على النافي.
2 - بعض الشهود لم يثبت أي شيء في صالح الموضوع فكيف يقال: المثبت مقدم على النافي؟!
3 - أن ضبط حدود الصفا والمروة قد ثبت بتحري العلماء واجتهادهم وفق عمل الأمة عبر القرون، ولا ريب أن ضبط وتحري العلماء مقدم على شهادات هؤلاء بالاتفاق.
4 - أن يقال الموضوع ليس فيه إثبات ونفي، بل إثباتان: إثبات شهود عيان من العلماء والوجهاء عام 1375هـ على واقعٍ كانوا يرونه عياناً، ويذرعونه بالأمتار، ويثبونه في محاضر رسمية، مقابل شهادة كبار السن بعد ذلك بـ 54 سنة، على شيءٍ يتذكرونه مما رأوه في صغرهم، فأيهما نقدم إثبات هؤلاء أم إثبات أؤلئك؟!
تاسعاً: أنَّ من قرر وشهد بامتداد الصفا، فإنما يشهد بنقل الاسم، فهو يحكي ما يسمعه ويتواطأ عليه أهل زمانه وخاصته، وقد لا يكون لذلك حقيقة شرعية ولا عرفية قديمة. وأسماء المواضع مما يحصل فيها النقل، والتغيير، والوهم كثيراً، ولذلك يقول الفاسي رحمه الله: ( ... وإنما أعرضنا عن ذكر ما سوى ذلك من الأبنية، لأنها إنما تُعرف بمن هي في أيديهم، وتعريفهم بها لا يجزئ إلا في الوقت الحاضر، لأجل نقلها من أيديهم بالبيع وغيره، وتشتهر بمن صارت إليهم، وتنسى معرفتها بمن كانت به معروفة من قبل في الغالب، كما جرى للأزرقي في تعريفه رباع مكة، فإنها لا يعرف الآن منها بما ذكره الأزرقي إلا النادر).
و من الأمثلة على حصول الوهم في نسبة المواضع، ما جرى لأحد الباحثين حيث: نسب لمرتضى الزبيدي أنه بنى داراً في الصفا، مع أن المشهور عند العارفين بالتاريخ المكي هو بناء الفيروزآبادي –صاحب القاموس - لتلك الدار وجعلها مدرسة للملك الأشرف وذلك في سنة 803هـ في عهد الشريف حسن بن عجلان، كما حكاه الحافظ السخاوي في كتابه (الضوء اللامع) وابن فهد في (الدر الكمين)، وغيرهما!
عاشراً: أن الأزرقي والفاكهي نقلا ملاصقة دار عباد بن جعفر لجبل أبي قبيس. و دار عباد هي حد المسعى من الجهة الشرقية، فهل أهل العرف في الزمان المتأخر أولى بالإتباع أم نقل مؤرخي القرون المفضلة؟
الحاديَ عشر: أن رئاسة شؤون الحرمين قد وضعت لوحات (نيون) بعنوان (مخطط إرشادي للمسجد الحرام) موجودة في ساحات الحرم، ويقرأها عشرات الآلاف يومياً. يوجد في هذا المخطط الإرشادي: (حد جبل الصفا داخل دائرة السعي مكتنف بـ (باب أبي قبيس: رقم 12) من الجنوب الغربي، وهو محاذي لباب الصفا في العمارة السعودية، ومن الجهة الجنوبية الشرقية لدائرة الصفا (سلم أبي قبيس: رقم 13). و المخطط الحالي المثبت في ساحات الحرم يدل دلالة واضحة على أن الزيادة الجديدة ليست في حد الصفا بل هي ضمن حد أبي قبيس.
ـ[ماجد الحامد]ــــــــ[04 - 06 - 08, 11:31 ص]ـ
بحث رائع اثبت تهافت ادلة المجيزين
جزاك الله خير ونصر بكم دينه
أخي حسن المسعى
بارك االله فيك
ـ[ابو محمد الطائفي]ــــــــ[04 - 06 - 08, 07:11 م]ـ
اخواني بحث الصميداني لم يفتح على الرغم من كل المحاولات هل موجود على ملف وورد بارك الله فيكم
¥