أكبر على رسولنا صلى الله عليه وسلم أن يقول (صوموا لرؤيته) ثم يضيف (إلا أن يثبت عندكم أن الرؤية مستحيلة)؟!
لا والله!
لقد بين - صلى الله عليه وسلم - لطائفة صغيرة من خيار المؤمنين في آخر الزمان حكم توقيت صلاتهم لمدة أربعين يوما زمن الدجال: مع أنهم سيكونون من عظماء المؤمنين وأولاهم بمقدرة الاجتهاد، وربما سيكون لهم من الرؤى التثبيتية والإرشادية الشيء العظيم، لشدة ما يكونون فيه من فتنة وغربة ...
أفترون الحبيب صلى الله عليه وسلم يفرّط في إرشادنا إلى النفي الحسابي الذي لبس الأمر اليوم على مليار مسلم، مع قلة ما عندنا من العلم وضعف الاجتهاد؟!
لا والله! ... إذ أننا أحوج إلى البيان من مؤمني زمن الدجال!
- - -
ونقول تنزلا: أليس ممكن عقلا وحالا أن بعض رؤى الصحابة الثقات قد أخطأت وأنهم رأوا الزهرة أو عطارد مكان الهلال؟! فلنبق نحن إذن كذلك في مساحة العفو، وإن أخطأ الثقات فالحمد الله ... صيامنا وإفطارنا عند الله مقبول لتقيدنا بما أمرنا به!
أتظنون أن الله تعالى (ولا أحد أحب إليه العذر من الله، وهو أرحم الراحمين) سيسأل أحدا يوما القيامة عن سبب صومه لمخالفة الحساب الفلكي!! هل الحساب الفلكي حجة على العباد يوم القيامة؟! أسيسأل الإنسان يوم القيامة: (ماذا أجبتم المرسلين والفلكيين؟!) ...
أرجوكم، أيجرأ مؤمن أن يتألى على الله فيجيب على سؤالي بنعم!
فإن كان الجواب بلا، فما بالكم تلتمسون لنا العنت وتزيدون الخلاف الفقهي توسعا وعدد الأحزاب تكاثرا؟!
لو كان في مسألة الهلال مصالح دنيوية للأمة لقلنا: المسألة مسألة مصالح ومقاصد واجتهاد يزيد على النص الجزئي ويقيده لتحقيق مصلحة كلية ... لكن، لسنا نفهم ما مصلحة أو مفسدة الأمة الاقتصادية أو السياسية أو الاجتماعية في تأخر الصيام أو الإفطار يوما واحدا!
يا قوم: أمر الهلال أمر آخرة وبس! أمر تعبدي محض لا مصلحة دنيوية ظاهرة من ورائه ... فليكفكم ما جاءكم من ظاهر هدي نبيكم صلى الله عليه وسلم!
المشكلة الأعظم أننا نجعل من كثير من علوم الآخرة علوم دنيا وجدل وغلبة وإغراب، ويا ويح الإنسان ما أشد اغتراره بعلمه الحقير!
فيلفتش كل عن نيته، وليجدد تفكيره مخلصا رافعا يديه قائلا (اهدنا الصراط المستقيم ونجنا من هوى أنفسنا) ...
هذا البلاغ، وعلى ربنا الهادي الإرشاد وإصلاح القلوب والعقول ...
ـ[الدسوقي]ــــــــ[02 - 10 - 08, 08:16 ص]ـ
قال الله تعالى: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِى أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيما}
... قال الإمام ابن القيم رحمه الله: " قد أقسم سبحانه بنفسه المقدسة أنهم لا يؤمنون حتى يحكموا رسوله في كل ما شجر بينهم ولا يكفي ذلك في حصول الإيمان حتى يزول الحرج من نفوسهم بما حكم به في ذلك أيضا حتى يحصل منهم الرضا والتسليم فقال تعالى فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما النساء65
فأكد ذلك بضروب من التأكيد
أحدها: تصدير الجملة المقسم عليها بحرف النفي المتضمن لتأكيد النفي المقسم عليه وهو في ذلك كتصدير الجملة المثبتة بإن
الثاني: القسم بنفسه سبحانه
الثالث: أنه أتى بالمقسم عليه بصيغة الفعل الدالة على الحدوث أي لا يقع منهم إيمان ما حتى يحكموك
الرابع: أنه أتى في الغاية بحتى دون إلا المشعرة بأنه لا يوجد الإيمان إلا بعد حصول التحكيم لأن ما بعد حتى يدخل فيما قبلها
الخامس: أنه أتى المحكم فيه بصيغة الموصول الدالة على العموم وهو قوله فيما شجر بينهم أي في جميع ما تنازعوا فيه من الدقيقة والجليلة
السادس: أنه ضم إلى ذلك انتفاء الحرج وهو الضيق من حكمه.
السابع: أنه أتى به نكرة في سياق النفي أي لا يجدون نوعا من أنواع الحرج البتة.
الثامن: أنه أتى بذكر ما قضى به بصيغة العموم فإنها إما مصدرية أي من قضائك أو موصولة أي من الذي قضيته وهذا يتناول كل فرد من أفراد قضائه.
التاسع: أنه لم يكتف منهم بذلك حتى يضيفوا إليه التسليم وهو قدر زائد على التحكيم وانتفاء الحرج فما كل من حكم انتفى عنه الحرج ولا كل من انتفى عنه الحرج يكون مسلما منقادا فإن التسليم يتضمن الرضا بحكمه والانقياد له.
¥