ج) ارتفاع الهلال: عن الأفق وقت الغروب، وبعده الزاوي عن الشمس، الذي يعتمد على عمر الهلال وإحداثياته السماوية، وموقع الراصد وإحداثياته الجيوديسية الكروية.
د) بعد القمر عن الأرض: وموقعه وموقع الشمس بالنسبة إلى الراصد وارتفاع موقع الراصد عن مستوى سطح البحر. وذلك أن القمر أثناء دورانه حول الأرض يكون حيناً في حالة اقتراب من الأرض حتى يصل إلى الحضيض وهي مسافة 350000كلم كمعدل، وحيناً في حالة ابتعاد عن الأرض حتى يصل إلى الأوج وهي مسافة 405000كلم كمعدل، والفاصل الزمني بين الحضيض والأوج مدة 14 يوماً عادة. وكذلك الأرض تمر أثناء دورانها حول الشمس بحالة اقتراب من الشمس حتى تصل إلى الحضيض في أوائل شهر كانون الثاني من كل سنة وهي مسافة 147 مليون كلم كمعدل، ثم تصبح في حالة ابتعاد عن الشمس حتى تصل إلى حالة الأوج في أوائل شهر تموز من كل سنة وهي مسافة 152 مليون كلم كمعدل، والفاصل الزمني بين الأوج والحضيض يبلغ مقدار 6 أشهر عادة. ولكل هذه الحركات أثرها الكبير في تعيين إمكانية الرؤية.
وقد حاول العلماء قديماً وحديثاً وضع معايير معينة تشير إلى إمكانية الرؤية وعدمها، وقد اختلفت وتعددت هذه المعايير من خلال إدخال بعض العوامل واعتبارها وإغفال بعض العوامل الأخرى، وفيما يلي استعراض لأهم هذه المعايير:
1) المعيار البابلي القديم: وهو يعتمد على عمر الهلال وفترة مكثه بعد غروب الشمس، فتكون رؤية الهلال ممكنة إذا زاد عمره لحظة غروب الشمس عن 24 ساعة ومكث الهلال بعدها 48 دقيقة، وهو معيار يغفل سائر العوامل الأخرى التي تقدمت الإشارة إليها.
2) معيار علماء الفلك المسلمين القدامى كالبتّاني: وهو يعتمد على درجة انخفاض الشمس لحظة غروب القمر، فتكون رؤية الهلال ممكنة إذا كان انخفاض الشمس لحظة غروب القمر بين 9 و10 درجات تحت الأفق.
3) معيار علماء الفلك المسلمين المحدثين، كالعالم الماليزي محمد الياس: والذي يربط بين ارتفاع القمر عن الأفق والبعد الزاوي بين الشمس والقمر، ولا بد أن لا يقل الارتفاع عن 5 درجات.
4) معيار علماء الفلك غير المسلمين، معيار شيفر: أضاف إلى العوامل الفلكية لا بد من إدخال العوامل الجوية أيضاً.
5) معيار علماء الفلك غير المسلمين، معيار يالوب: حيث اقترح يالوب معياراً جديداً قائماً على المعايير الفلكية القديمة، ولكنه أكثر تطوراً وتعقيداً، وقد استفاد في ذلك من خبرته الطويلة في مجال الرصد، حيث كان مديراً لمرصد غرينتش، ورئيساً للجنة الأزياج الفلكية التابعة للاتحاد الفلكي الدولي. وهذا المعيار يقسم إمكان الرؤية إلى أربع حالات، أولاً الرؤية بالمرقب أو بالمنظار فقط، أو بمساعدة ذلك. ثانياً إمكان الرؤية بالعين المجردة، وثالثاً إمكانية المشاهدة بالعين المجردة بشرط الصحو التام، وأخيراً الرؤية بسهولة بالعين المجردة مطلقاً. والمعيار الأخير يعتمد على عوامل رئيسية ثلاثة:
أ) عمر الهلال: فقد أشارت إحصاءات ما يزيد على خمسين سنة، أن أصغر عمر للهلال تمّت رؤيته بالعين المجردة، كان 14 ساعة و48 دقيقة.
ب) مكث الهلال: وأقل مكث تمّت رؤيته بالعين المجردة كان 29 دقيقة.
ج) الاستطالة: وأقل استطالة مسجّلة كانت 7: 6 درجات.
والمقصود بعمر الهلال، هو مقدار الزمن الممتد بين لحظة الاقتران ولحظة غروب الشمس في منطقة معينة، وهذا يختلف من مكان إلى آخر.
والمقصود من فترة مكث الهلال، هو مقدار بقاء الهلال بعد غروب الشمس، أي الفترة الممتدة بين غروب الشمس وغروب القمر.
والمقصود بالاستطالة، هي بُعد مركز القمر عن مركز الشمس، بالدرجات، كما يرى من الأرض، ويقال أيضاً للاستطالة قوس النور، وذلك أنّ الرؤية ممكنة إذا كان الهلال (مركز الهلال) قد ابتعد عن مركز الشمس بحيث صار القمر يعكس مقداراً ممكناً من الضوء يمكن من خلاله رؤية ذلك. ولذلك فإن نسبة إضاءة القمر من العوامل المهمة أيضاً في إمكان رؤيته، ولذلك فإنّ الاستطالة بين الشمس والقمر إذا كانت (صفر درجة) فإن الرؤية مستحيلة لأن القمر يكون في فترة المحاق؛ وهذا يعني أنه مظلم ظلاماً تاماً، وفي مقابل ذلك، إذا كانت الدرجة هي180 درجة يكون القمر بدراً.
وهناك بعض المحاولات الجديدة للتعديل من هذا المعيار حاولت التوفيق بين المعطيات الشرعية التي ركزت على الرؤية وبين المعطيات الفلكية الحديثة.
¥