تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

*** فهذا الكلام الذي قاله مؤلف الرسالة تخرصاً منه، جانب فيه الصواب، وخالف فيه الحق. وكيف يحكم على جميع الناس أنهم لم يروه ـ؟ وهو لم يُحط علماً بذلك والقاعدة الشرعية أن من علم حجة على من لم يعلم، ومن أثبت شيئاً حجة على من نفاه، وكيف وقد ثبتت رؤيته ليلة الاثنين بشهادة الثقات المعدلين، والمثبتة شهاداتهم لدى القضاة المعتمدين في بلدان مختلفة في المملكة وغيرها. وبذلك يعلم أن دخول شوال عام 1400هـ، ثبت ثبوتاً شرعياً ليلة الاثنين، مبنيا على أساس تعاليم الشرع المطهر، المبلغ عن سيد البشر. فقد روى أبو داود في سننه بإسناد صحيح، عن ابن عمر - رضي الله عنهما- قال: (تراءى الناس الهلال، فأخبرت النبي - صلى الله عليه وسلم - أني رأيته، فصام وأمر الناس بالصيام)، قال الحافظ في التلخيص: وأخرجه الدارمي، والدار قطني، وابن حبان، والحاكم، والبيهقي وصححه ابن حزم، وروى أهل السنن عن ابن عباس - رضي الله عنهما- أن أعرابيا قال (يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إني رأيت الهلال) فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: (أتشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله صلى الله عليه وسلم)؟ قال: نعم. (قال: فأذن في الناس يا بلال أن يصوموا غداً) وأخرجه أيضا ابن خزيمة، وابن حبان، والدار قطني والحاكم، والبيهقي. وروى الإمام أحمد والنسائي عن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب قال: جالست أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسألتهم، وإنهم حدثوني أن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، وانسكوا لها. فإن غُمّ عليكم فأتموا ثلاثين. فإن شهد شاهدان فصوموا وأفطروا).

وعن الحارث بن حاطب الجمحي - أمير مكة - قال: (عهد إلينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ننسك للرؤية. فإن لم نر، وشهد شاهدا عدل، نسكنا بشهاداتهما). رواه أبو داود والدارقطني، وقال: إسناده متصل صحيح وعن أبي عمير بن أنس، عن عمومة له من الأنصار، قال: (غم علينا هلال شوال، فأصبحنا صياما، فجاء ركب من آخر النهار فشهدوا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنهم رأوه بالأمس، فأمر الناس أن يفطروا من يومهم، وأن يخرجوا لعيدهم من الغد). رواه الإمام أحمد وأبو داود، والنسائي وابن ماجة. قال الحافظ في التلخيص: صححه ابن المنذر وابن السكن وابن حزم. وعن ربعي بن خراش، عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (اختلف الناس في آخر يوم من شهر رمضان، فقدم أعرابيان، فشهدا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - بالله أنهما أهلا الهلال أمس عشية، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - الناس أن يفطروا). رواه أحمد وأبو داود. وزاد أبو داود في رواية (وأن يفدوا إلى مصلاهم). وهذه الأحاديث تدل على وجوب الأخذ بشهادة الشهود الثقات والاعتماد عليها، وأنه يكفي الشاهدان العدلان في الصوم والإفطار، ويكفي العدل الواحد في إثبات دخول شهر رمضان، كما دل على ذلك حديث ابن عمر وحديث ابن عباس - رضي الله عنهما - كما تدل على أنه لا يلزم من ذلك أن يراه الناس كلهم، أو يراه الجم منهم كما تدل أيضا على أنه ليس من شرط صحة شهادة الشاهدين العدلين، أو شهادة العدل الواحد في الدخول، أن يراه الناس في الليلة الثانية، لأن منازله تختلف، وهكذا أبصار الناس ليست على حد سواء، ولأنه قد يوجد في الأفق ما يمنع الرؤية في الليلة الثانية. ولو كانت رؤيته في الليلة الثانية شرطاً في صحة الشهادة لبينه النبي - صلى الله عليه وسلم -، لأنه المبلغ عن الله، والموضح لأحكامه عليه الصلاة والسلام، وحكى الترمذي: إجماع العلماء على قبول شهادة العدلين في إثبات الرؤية، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في الفتاوى ج 25 ص 186 بعد ما ذكر اختلاف أبصار الناس في الرؤية وأسباب ذلك ما نصه: " لأنه لو رآه اثنان علق الشارع الحكم بهما بالإجماع وإن كان الجمهور لم يروه، ولعل مراده بحكاية الإجماع وقت الغيم، لأن خلاف أبي حنيفة - رحمه الله - في عدم إثبات دخول الشهر في وقت الصحو بأقل من الاستفاضة أمر معلوم لا يخفى على مثله - رحمه الله - وهذا كله إذا لم يحكم بذلك، فإنه يرتفع الخلاف ويلزم العمل بالشهادة المذكورة إجماعاً، كما ذكر ذلك العلامة أبو زكريا يحيى النووي في شرح المهذب ج 6 ص 313

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير