تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

بعد ما ذكر أسباب اختلاف أبصار الناس في الرؤية، وهذا نص كلامه: " ولهذا لو شهد برؤيته اثنان أو واحد، وحكم به حاكم، لم ينقض بالإجماع، ووجب الصوم بالإجماع، ولو كان مستحيلا لم ينفذ حكمه ووجب نقضه.

... ثم قال ابن محمود بعد كلام سبق ما نصه: " يا معشر العلماء الكرام، ويا معشر قضاة شرع الإسلام، لقد وقعنا في صومنا وفطرنا في الخطأ المنكر كل عام اهـ.

... ولا يخفى ما في هذا الكلام من الخطأ العظيم، والجرأة على القول بخلاف الحق، فأين له تكرار الخطأ في كل عام في الصوم والإفطار، والقضاة يحكمون في ذلك بما دلت عليه الأحاديث الصحيحة، وأجمع عليه أهل العلم كما سبق بيانه.

... ثم قال ابن محمود بعد كلام سبق: " فمتى طلع - يعني الهلال - قبل طلوع الشمس من جهة المشرق، فإنه يغيب قبلها، فلا يراه أحد، أو طلع مع الشمس فإنه يغيب معها ولا يراه أحد لشدة ضوء الشمس اهـ.

... وهذا خطأ بين، فقد ثبت بشهادة العدول أنه قد يرى قبل الشمس في صبيحة يوم التاسع والعشرين من المشرق، ثم يرى بعد غروبهما من المغرب ذلك اليوم. لأن سير القمر غير سير الشمس، فكل واحد يسبح في فلكه الخاص به، كما يشاء الله عز وجل.

... وأما الآية التي استدل بها على ما ذكره من عدم إمكان رؤيته بعد الغروب إذا كان قد رؤي صباح ذلك اليوم قبل طلوع الشمس، وهي قوله تعالى في سورة يس: (لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) (يّس:40)

فلا حجة له في ذلك، لأن علماء التفسير أوضحوا معنى الإدراك المذكور، وأنه لا سلطان للشمس في وقت سلطان القمر، ولا سلطان للقمر في وقت سلطان الشمس.

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية ما نصه:

" قال مجاهد: لكل منهما حد لا يعدوه ولا يقصر دونه، إذا جاء سلطان هذا ذهب هذا، وإذا ذهب سلطان هذا جاء هذا إلى أن قال: وقال الثوري: عن إسماعيل بن خالد عن أبي صالح: لا يدرك هذا ضوء هذا ولا هذا ضوء هذا وقال عكرمة في قوله عز وجل: (لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَر َ) يعني أن لكل منهما سلطانا فلا ينبغي للشمس أن تطلع بالليل " اهـ المقصود.

... ثم قال ابن محمود- بعد ما ذكر كلام فقهاء الأحناف في اشتراط الاستفاضة في الرؤية وقت الصحو، وأنه لا يكتفى في رؤيته بشخص أو شخصين دون بقية الناس، لاحتمال التوهم منهما، إلى أن قال: وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في رسائله المتعلقة بالهلال، فقال: إنه لا يعتد برؤية الواحد والاثنين للهلال والناس لم يروه، لاحتمال التوهم منهما في الرؤية، ولو كانت الرؤية صحيحة لرآه أكثر الناس. اهـ.

... وهذا الكلام الذي نقله عن شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - عن عدم الاكتفاء بشهادة الواحد والاثنين بالهلال إذا لم يره غيرهم، لا أساس له من الصحة، وقد سبق كلامه - رحمه الله - الذي نقله عنه العارفون بكلامه، وهو الموجود في الفتاوى ج 25 ص 186، وفيه نقل الإجماع على تعلق حكم الشرع بشهادة الاثنين،

... ثم قال - أي ابن محمود المذكور -: (تراءى الناس هلال رمضان، فأخبرت النبي - صلى الله عليه وسلم - أني رأيته، فصام رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم - صلى الله عليه وسلم - وأمر الناس بصيامه) رواه أبو داود وصححه الحاكم وابن حبان، ومثله حديث ابن عباس أن أعرابيا جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني رأيت الهلال، قال: (أتشهد أن لا إله إلا الله؟ قال: نعم. قال: أتشهد أن محمداً رسول الله؟ قال: نعم. قال: فأذن في الناس يا بلال أن يصوموا غداً). رواه الخمسة وصححه ابن خزيمة وابن حبان، وصحح النسائي إرساله، فالجواب أنه ليس في الحديثين ما يدل على حصر الرؤية على هذين الشخصين، إذ من المحتمل أن يكونا أول من رأيا الهلال ثم رآه غيرهما اهـ. المقصود.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير