وتقاس الأبعاد الكونية بالمسافات التي يقطعها الضوء في أزمنة تناسبها؛ فتقول بعد القمر ثانية ضوئية وبعد الشمس 8 دقائق وقطر مجرتنا 100 ألف سنة, وأقصى بعد ممكن الرصد تناسبه أقصى وحدة زمن وهي سنة الشمس وقيمتها حوالي 250 مليون سنة, وأقصى بعد حوالي 12.5 (10 - 15) بليون سنة بسرعة الضوء , ويمكن التعبير عنه بالقيمة المركبة من (خمسين) والسرعة (ألف سنة في يوم) , وتجد أقصى بعد بالفعل بنفس القيمة المعلومة اليوم في قوله تعالى: ?سَأَلَ سَآئِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ. لّلْكَافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ. مّنَ اللّهِ ذِي الْمَعَارِجِ. تَعْرُجُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ? المعارج 1 - 4؛ هذا إذا سلمت للمفسرين بأن المقام لبيان أقصى بعد, ولم يفتك أن لفظ المعارج المتضمن معنى الانحناء أدق تعبير عن آفاق الكون الموصوفة بالانحناء في علم الفيزياء , وهكذا تتضح دلائل الوحي للمحقق البريء من تهمة التعصب الطائفي والمتسلح بالحقائق العلمية التي لم يكن لبشر أن يدركها زمن التنزيل.
وأما في الروايات فقد قال ابن حجر في فتح الباري (ج20ص499): "اِخْتَلَفَ الْخَبَر الْوَارِد فِي قَدْر مَسَافَة مَا بَيْن السَّمَاء وَالْأَرْض .. ؛ فِي التِّرْمِذِيّ أَنَّهَا مِائَة عَام, وَفِي الطَّبَرَانِيّ خَمْسمِائَة .. , (و) عِنْد أَبِي دَاوُدَ .. : إِحْدَى أَوْ اِثْنَتَانِ أَوْ ثَلَاث وَسَبْعُونَ .. , وَالْجَمْع بَيْن اِخْتِلَاف هَذَا الْعَدَد .. أَنْ تُحْمَل الْخَمْسمِائَةِ عَلَى السَّيْر الْبَطِيء كَسَيْرِ الْمَاشِي .. وَتُحْمَل السَّبْعِينَ عَلَى السَّيْر السَّرِيع", والراجح أن تعيين أقصى بعد بخمسمائة سنة تفسير لعلاقة الألف سنة في يوم والتي أصاب ابن عباس في حملها على أقصى سرعة وأيدته القياسات العلمية منذ القياس الأول الذي أجراه أولاس رومر عام 1676م, قال ابن الجوزي المتوفى سنة 597هـ (رحمهم الله تعالى جميعا) في تذكرة الأريب في تفسير الغريب (ج1ص77): "يقضي القضاء من السماء فينزله مع الملائكة إلى الأرض ثم يعرج الملك إليه في يوم من أيام الدنيا فيكون الملك قد قطع في يوم في نزوله وصعوده مسافة ألف سنة من مسيرة الأدمي", ولكن لو سار الآدمي 30 كم في اليوم فلن يقطع حتى في ألف سنة إذا قدر له السير في الفضاء إلا جزء يسير (لا يبلغ 8%) في الطريق من الأرض نحو الشمس,
ومن الأخبار التي يدفعها التحقيق العلمي ما نقله أبو بكر الهيثمي المتوفى سنة 807 هـ في كتابه مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (ج3ص431): "عن أبي أمامة الباهلي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وكل بالشمس تسعة أملاك يرمونها بالثلج كل يوم لولا ذلك ما أتت على شيء إلا أحرقته؛ رواه الطبراني .. , وعن ابن عمر قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم فقيل: أرأيت الأرض على ما هي؟ , فقال: الأرض على ماء, فقيل: الماء على ما هو؟ , قال: على صخرة, فقيل: الصخرة على ما هي؟ قال: هي على ظهر حوت .. , وعن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كنف الأرض مسيرة خمسمائة عام, وبين الأرض العليا والسماء الدنيا خمسمائة عام, وبين كنفها وكنفها خمسمائة عام, وما بين الأرض العليا والسماء السابعة ثم ما بين السماء السابعة إلى العرش مسيرة ذلك كله .. , وعن الربيع بن أنس قال: السماء الدنيا موج مكفوف والثانية صخرة والثالثة حديد والرابعة نحاس والخامسة فضة والسادسة ذهب والسابعة ياقوت؛ رواه الطبراني في الأوسط", قال ابن كثير في البداية والنهاية (ج1ص22): "ما يذكره كثير من أهل الكتاب وتلقاه عنهم طائفة من علمائنا من أن هذه الأرض من تراب والتي تحتها من حديد والأخرى من حجارة من كبريت والأخرى من كذا؛ فكل هذا: إذا لم يخبر به ويصح سنده إلى معصوم فهو مردود على قائله", وفي الترغيب في بيان أجر الشهيد ورد الأثر: "له في جنة الفردوس ألف ألف مدينة من فضة, وألف ألف مدينة من ذهب, وألف ألف مدينة من لؤلؤ وألف ألف مدينة من ياقوت .. , في كل بيت ألف ألف سرير .. , كل سرير .. عليه زوجة .. , على كل سرير مائة ألف فراش, غلظ كل فراش كما بين السماء والأرض وما بينهن؛ مسيرة خمسمائة عام", قال ابن حجر معلقا في المطالب العالية (ج6ص37): " هذا حديث موضوع, ما أجهل من افتراه وأجرأه", وفي تفسير مقاتل بن سليمان
¥