قال الحافظ: وعلى هذا فينبغي تتبع ما ورد فيه الوعيد أو اللعن أو الفسق، من القرآن، أو الأحاديث الصحيحة والحسنة، ويُضم إلى ما ورد فيه التنصيص في القرآن والأحاديث الصحاح والحسان على أنه كبيرة، فمهما بلغ مجموع ذلك عُرف منه تحرير عددها. فتح الباري (12/ 184)
مسألة: الْأَنْبِيَاءُ عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مَعْصُومُونَ عَنْ الْكَبَائِرِ.
اتفقوا أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعبد صنماً قط والأنبياء قبل النبوة معصومون من الكفر واختلفوا في العصمة من المعاصي وأما بعد النبوة فمعصومون من الكفر ومن كل ما يخل بالتبليغ وما يزري بالمروءة ومن الكبائر.
واختلفوا في الصغائر فجوزها الأكثرون ومنعها الباقون (الحنفية بدائع الصنائع (6/ 255)،والشافعية روضة الطالبين (3/ 498)، نيل الأوطار (2/ 333)) وقطعوا بالعصمة منها وتأولوا الظواهر الواردة فيها، والصحيح قول أكثر أهل العلم وأنه قد تقع منهم الصغائر، لكن لا يقرون عليها، وأما الكبائر فلا تقع منهم البتة.
راجع: التمهيد (3/ 266)، مجموع الفتاوى (4/ 319) و (10/ 293)، منهاج السنة النبوية (2/ 426)،الدرر السنية في الكتب النجدية (16/ 11)،" فتاوى اللجنة الدائمة " برقم 6290 (3/ 194).
مسألة: من هم أهل الكبائر؟
يُسَمَّى من ارتكب الكبيرة أنه من أهل الكبائر، أو يُوصَفُ أنه من أهل الكبائر إذا اجتمع فيه وصفان:
الأول: العلم.
والثاني: عدم التوبة.
فإذا عَلِمْ أنَّ هذا الفعل معصية واقتَحَمَهُ وكان مَنْصُوصَاً عليه أنَّهُ من الكبائر فيكون من أهل الكبائر.
والثاني أن لا يكونَ أَحْدَثَ توبة فإذا أحدث توبة فلا يُوصَفُ أنه من أهل الكبائر. شرح العقيدة الطحاوية للشيخ صالح آل الشيخ (1/ 437)
مسألة: مرتكب الكبيرة فاسق ساقط العدالة.
فمذهب الحنفية: مَنْ ارْتَكَبَ جَرِيمَةً فَإِنْ كَانَتْ مِنْ الْكَبَائِرِ سَقَطَتْ عَدَالَتُهُ، إلَّا أَنْ يَتُوبَ. بدائع الصنائع (14/ 326)، لَكِنَّ بُطْلَانَ الْعَدَالَةِ لَا يَتَوَقَّفُ فِي الْكَبَائِرِ عَلَى الْإِصْرَارِ، بَلْ أَنْ يَأْتِيَهَا وَيَعْلَمَ ذَلِكَ. فتح القدير (17/ 137)
ومذهب المالكية: الْعَدَالَةُ الْمُحَافَظَةُ الدِّينِيَّةُ عَلَى اجْتِنَابِ الْكَذِبِ وَالْكَبَائِر.ِمواهب الجليل (17/ 202) الفواكه الدواني (7/ 279)
ومذهب الشافعية: إذا تقرر هذا فقال الأصحاب يشترط في العدالة اجتناب الكبائر فمن ارتكب كبيرة واحدة فسق وردت شهادته. روضة الطالبين (4/ 164)
ومذهب الحنابلة: ويعتبر في العدالة شيئان: أحدهما: اجتناب الكبائر والإدمان على الصغائر والكبائر كل ما فيه حد أو وعيد فمن فعل كبيرة أو أكثر من الصغائر فلا تقبل شهادته لأنه لا يؤمن من مثله شهادة الزور ولأن الله تعالى نص على القاذف فقسنا عليه مرتكب الكبائر. الكافي في فقه ابن حنبل (4/ 271)
فلا خلاف بين الفقهاء في تفسيق مرتكب الكبائر كالزّاني، واللّائط، والقاتل، ونحوهم، لأنّ تفسيق القاذف وردّ شهادته ثبت بنصّ القرآن فيقاس عليه كلّ مرتكب كبيرة. أمّا الصّغائر فلا يفسّق بها،لقوله تعالى: {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالفَوَاحِشَ إلا اللَّمَمَ}. المحلى (9/ 393)
عقيدة أهل السنة في مرتكب الكبيرة.
مرتكب الكبيرة إذا لم يستحلها، مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته أو مؤمن ناقص الإيمان وإن ماتَ ولم يتب فهو تحت مشيئة الله، إن شاء عفا عنه برحمته، وإن شاء عذبه بعدله بقدر ذنوبه ثم يخرجه.
أدلة أهل السنة على حكم مرتكب الكبيرة:
استدل أهل السنة لذلك بأدلة كثيرة جداً، ونحن سنذكر هنا ما يمكن أن يسمى " أدلة كلية " وكل دليل يندرج تحته عدد من الأدلة التفصيلية
1 - ققال الله سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء} [النساء: 48].
2 - قوله - صلى الله عليه وسلم - في رواية أبي هريرة:" ... أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فيهما إلا دخل الجنة "رواه مسلم
3 - وروى مسلم من حديث أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم " .. ومن لقيني بقراب الأرض خطيئة لا يشرك بي شيئاً لقيته بقرابها مغفرة "
¥