تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فيتم بها تحقيق وظيفة اللعب الأساسية، وهي الإعداد للحياة المستقبلية من الناحية الجسمية والنفسية، ولها تأثير إيجابي في الترويح عن النفس واستجمامها، ومسرَّتها، وإنقاذها من الملل والضَّجر وإطلاق فضل طاقة الجسم وحيويَّته فيما يعود عليه بالفائدة والمتعة والسعادة (16).

وممن مال إلى الجواز؛ النسائي وابن حبان وابن حزم – رحمهم الله -.

قال القاضي عياض – رحمه الله -: وعلى الجواز بلعب الجواري (بالبنات) جمهور العلماء، وأجازوا بيعها، ومن كره ذلك فمحمول على كراهة الاكتساب بها للبائع، وتنزيه أولي المروءات عن تولي ذلك من بيع وشراء لا كراهة اللعب بها (17).

الثاني: منع الجواري من اللعب بـ (البنات) إن كانت ذات صورة تامة، ذهب إلى ذلك ابن بطال وابن أبي زيد والبيهقي والمنذري، وظاهر كلام أحمد – رحمهم الله -، قال مالك – رحمه الله -: يكره للرجل أن يشتري ذلك، و أدلتهم في المنع من الدمى المصورة ما يلي:

(1) أن اللعب بهن منسوخ بنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الصُّور ذوات الأرواح، وقد ثبت النهي عن اتخاذ الصور من أوجه كثيرة، ويحمل حديث عائشة – رضي الله عنها - في الرخصة فيها على أنه قبل التحريم، وبهذا جزم ابن الجوزي – رحمه الله - وغيره (18).

قال البيهقي: يحتمل أن يكون المحفوظ في رواية أبي سلمة عن عائشة قدومه من (غزوة خيبر).

وكانت تلك اللعب قبل تحريم الصور والتماثيل، ثم ثبت تحريمها بعد ذلك لما أمر النبي صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب – رضي الله عنه - زمن الفتحِ – وهو بالبطحاءِ - أن يأتي الكعبة فيمحوَ كلَّ صورةٍ فيها، فلم يدخلها النبي صلى الله عليه وسلم حتى مُحِيَت كلُّ صورةٍ فيها (19).وزمن الفتح كان بعد خيبر (20).

وحديث أبي الهَيَّاج الأسدي قال: قال لي عليُّ بن أبي طالب: "ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أن لا تدع تمثالاً إلا طمستَهُ، ولا قبرًا مُشْرِفًا إلا سَوَّيتَهُ" (21).

(2) أو سمِّي في حديث عائشة – ما ليس بصورة – لعبة (البنات) كما جزم الحليمي والمنذري (22)، فيجوز اللهو بها، لانتفاء التصريح بأنها كانت صورًا حقيقية، وبهذا ينتفي الاستدلال بالحديث على جواز اتخاذ اللعب من الصور الحقيقية.

(3) وأما تسمية اللعب (بنات) فلا يلزم منه أنها كانت صورًا حقيقية، بل الظاهر – والله أعلم - أنها كانت على نحو لعب بنات العرب قديمًا، فإنهن يأخذن عودًا أو قصبة أو خرقة ملفوفة أو نحو ذلك فيضعن قريبًا من أعلاه عودًا معترضًا ثم يلبسنه ثيابًا ويضعن على أعلاه نحو خمار المرأة، وربما جعلنه على هيئة الصبي في المهد ثم يلعبن بهذه اللعب ويسمينهن بناتٍ لهن.

والقول في الفرس الذي كان في لعب عائشة – رضي الله عنها - كالقول في بناتها سواءً فيصنعون الفرس أو الجمل بالأعواد وكرب النخل والعهن ونحو ذلك، وليست هذه اللعب من الصور المحرمة في شيء، والنسبة بينهما وبين الصور الحقيقية بعيدة جدًا، فكيف بما يُتّخذ دمية لها صورة وصوت، تتكلم وتبكي وتضحك، وتفتح عيناها وتغلقهما وتتحرك؟!

- ومما يدل على أن الفرس كانت على نحو لعب الصبيان ولم تكن صورة حقيقية أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل عائشة -رضي الله عنها- ما هذا؟ فقالت: فرس. ولو كانت صورة حقيقية لعرفها النبي صلى الله عليه وسلم من أول وهلة، ولم يحتج إلى سؤال عائشة عنها (23).

(4) الأحاديث الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم الدالة على أن الملائكة لا تدخل بيتًا فيه كلبٌ ولا صورة (24).

(5) قال بعضهم: معنى قول عائشة – رضي الله عنها - ألعب (بالبنات) أي الجواري اللاتي يقاربنها في السن، والباء هنا بمعنى (مع).

وهذا مردود؛ - للرواية "كنت ألعبُ بالبناتِ وهن اللُّعب" - وقولها – عندما انكشف ناحية من الستر عن بناتٍ لها لعبٍ، وسألها النبي صلى الله عليه وسلم عنها فقالت: "بناتي"وهذا صريح في أن المراد غير الآدميّات (25).

و الراجح:

أن اللعب بالدمي المصوَّرة لا يقصد به المعصية لامتهانها، وإنما يقصد بها إلف الصغيرات لتربية المولود، ففيها وجه من وجوه التدبير يقارنه معصيةٌ قائمة بتصوير ذوات الأرواح وإدخالها البيوت، ومشابهة الأصنام ومضاهأة خلق الله تبارك وتعالى،، فللتَّمكين منها وجه، وللمنع منها وجه، وبحسب ما تقتضيه شواهد الأحوال يكون إنكارها وإقرارها.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير