أيِّ يوم من الأيام الثلاثة في ليل أو نهار، قال ص:" أول ما نبدأ به في يومِنا هذا أن نصلي، ثم نرجع فننْحر، فمن فعل ذلك فقد أصاب سُنتنا، ومن ذبح قبلُ فإنما هو لحم قدّمه لأهله، ليس من شك في شيء، قال أبو بُردة:"خطبنا رسول الله ص يوم النحر فقال:" من صلى صلاتنا ووجه قِبلتنا، ونسك نسكنا فلا يذبح حتى يُصلي". وتكفي الشاة من الضأن أو المعِز عن أهل البيت كلهم، فهي سُنة كفاية، فقد قال أبو أيوب الأنصاري: كان الرجل في عهد رسول الله ص يُضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته، فيأكلون ويطعمون، حتى تباهى الناس فصار كما ترى، وتجوز المشاركة في الأضحية إذا كانت من البقر أو الإبل، وتُجزء البقرة أو البدنة عن سبعة أشخاص، والمطلوب من المُضحي أن يأكل من أضحيته، ويُهدى منها لأقاربه، ويتصدق منها على الفقراء، فقد قال رسول الله ص:" كلوا وأطعموا وادخروا" ولايجوز بيعها ولا بيع جلدها، ولا يُعطى الجزار من لحمها أجرة على ذبحه، والمطلوب من المضحي أن يحسن ذبح أضحيته، ويقول: بسم الله، والله أكبر، اللهم هذا عني وعن أهل بيتي، إن كان له أهل، فإن رسولَ الله ذبح كبشاً وقال:" بسم الله والله أكبر، اللهم هذا عني وعن من لم يُضحي من أمتي" رواه أبو داود والترمذي. فإن كان لا يُحسن الذبح فليحْضُر مع الجزار، فإن رسول الله ص قال لابنتِه فاطمة،" يا فاطمة قومي فاشهدي أُضحيتك فإنه يغفر لكِ عند أول قطرة من دمِها كل ذنب عملتيه، وقولي:" إن صلاتي ونُسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين"، فقال أحد الصحابة، يا رسول الله:"هذا لك ولأهل بيتك خاصة أو للمسلمين عامة، قال ص:" بل للمسلمين عامة".
هذه أيها المسلمون_أرشدكم الله وإياي_مهمات من أحكام الأضحية وآدابها، اقتصرنا فيها على ما ورد عن رسول الله ص، وخير الهدي هدي محمد وشر المحدثات البدائع، فإذا أحسنت إليها الاستماع، وتفَّهمتها بقلب واع، أدركت ما بيننا وما بينها من البُعد والمخالفة، فإن هذه السُنة المحدية خالطتها الأهواء، وأحاطت بها البدع، حتى أخرجتها عن طبيعتها، فأصبحت مُناسبة تقليديّة تحكمها العادة، وتُكيِّفُها الجاهلية، بدليل أن الجماهير من الناس يحرصون عليها ولا يفرِّطون فيها، ولا يُراعون فيها الأحكام الشرعية، وإنما يجبرون بها الخواطر، ويحققون بها رغبات النساء، ولا يهمُّهم بعد ذلك من سلوكهم ولا من سلوك أبنائهم ونسائهم شيء، وهذا من مكائد الشيطان الخبيثة، وتلاعبه بأتباعه، وإلا فكيف يُفرِّط الإنسان في فرائض الدين، وواجباته العينيِّة، فلا يعرف صلاة ولا غسل الجنابة، ولا حُكم الصيام ولا يؤدي زكاة ولا حجّاً، ولا يُعْنى بصلاح نفسه ولا احكام أهله وتربية أولاده، فإذا جاء عيد الأضحى اهتم بالضحية، وبالغ في الاختيار، والبحث والاهتمام، وإذا لم يكن له مال استسلف أو باع آثاث بيته وآوانيه، واشتراها، اللهم إن هذا ليس من دينك وشرعك، وإنما هو من غلبة الهوى ووسوسة الشيطان.
اللهم اهدنا للسنة، وجنبنا البدعة والفتنة، وارزقنا الإخلاص. وتقبل منا بفضلك يا أرحم الراحمين
يارب العالمين. آمين
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
من هنا ( http://www.bokhabza.com/play.php?catsmktba=288)
ـ[منير بن ابي محمد]ــــــــ[29 - 11 - 08, 10:02 م]ـ
هذه خطبة عيدية لشيخنا البركة أبي أويس الحسني، وجدتها ضمن مجموعه الموسوم بـ: الاطمئنان والدعة في خطب ومواعظ يوم الجمعة والذي يضم 200 خطبة كتبها الشيخ بخط المغربي الجميل، والمجموع كله درر والالئ وفوائد وفرائد يسر الله طبعه ليعم نفعه. وهذه الخطبة تقع تحت رقم 123.
خطبة وعظيّة
يوم عيد النحر
الحمد لله الغفور الودود، ذي العرش المجيد، الفعّال لما يريد، نحمده على ما أولى وأنعم، ونشكره على ما تفضل وأحسن، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، نصر عبده وأيّده جُنده، وحزم الأحزاب وحده، ونشهد أن محمدا عبده ورسوله سيّد الشاكرين وقدرة الصابرين، اللهم صل وسلم عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين.
من يُطع الله ورسوله فقد رشد واهتدى ومن يعصي الله ورسول فقد غوى واعتدى أما بعد: فإن أحسن الحديث كتاب الله عز وجل وخير الهدي هدي محمد ص، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
قال الله تعالى وهو أصدق القائلين:" فأمَّا من أعطى وأتقى وصدّق بالحسنى فسنيسره لليسرى، وأما من بخل واستغى وكذّب بالحسنى فسنيسره للعسرى" أيها المسلمون إن أعمال الخير والمسارعة فيها بمحض الحرية والاختيار سبب للسعادة والنجاة، وإنَّ اقتراف الذنوب وفِعل المنكرات والعيوب، جرياً مع هوى النفس الأمارة بالسوء، وسيلة للشقاء والهلاك، مصداقاً لهذه الآية الكريمة.
هذا وقد جعل الله للطاعات مواسم مشهودة، وأوقاتاً معدودة، تُضاعف فيها الحسنات، وتزكو الصاحات والقربات، وإن من أعظمها قدراً وأرجاها، وأكرمها على الله وأوفاها، يوم الحج الأكبر يوم يتقرب فيه المسلمون بالأضاحي والقرابين ويدخل فيه الحجاج بيت الله المكرّم بعد إفاضتهم مُحلقين ومُقصرين، وتتِّم فيه النِّعمة عليهم بالقَبول والغفران، وعِتق رقابهم من النيران، وقد تفضل الكريم المنّان، على من تشبّه بهم غاية الإحسان، وجعل لمن ضحى في سبيله، وأراق الدم تقربا إليه للزلفى والكرامة، ما تقّر به عين المؤمن، ويطمئن له قلب (الموحد) ... هذا ما وجُد بالأصل، والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وآله وسلم.
¥