[أحكام عشر ذي الحجة للشيخ عبدالله السعد]
ـ[أبو حذيفة التونسي]ــــــــ[01 - 12 - 08, 03:09 ص]ـ
السلام عليكم: أما بعد فهده رسالة قيمة لشيخنا الحبيب عبد الله السعد أحببت أن أضعها للأخوة وذلك لما رأيت من مناسبتها لما نحن فيه. وهي حقيقة تحوي مواضيع قيمة ونكت حديثية نفيسة
أسأل الله أن ينفع بعلم الشيخ. قال حفظه الباري:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فإن الله عز وجل شرع لعباده مواسم الخيرات، ويسر لهم طرق الطاعات؛ فعلى العباد أن يغتنموا هذه المواسم ليحققوا أعلى الدرجات.
وإن من المواسم العظيمة التي حث الله عباده على اغتنامها أيام عشر ذي الحجة، وقد دلت الأدلة - كما سيأتي إن شاء الله - على أن هذه الأيام أفضل أيام العام، وقد اجتمع فيها عبادات عظيمة، وطاعات جليلة.
* * *
فضائل عشر ذي الحجة
الأدلة الدالة على فضل عشر ذي الحجة تنقسم إلى قسمين:
الأول: ما ورد في فضلها جميعا.
والثاني: ما ورد في فضل بعض أيامها.
فأما القسم الأول، وهو ما ورد في فضلها جميعا, فمنه:
1 - قوله تعالى: (والفجر وليال عشر) [الفجر: 1 - 2].
والمقصود بالليالي العشر: العشر الأول من ذي الحجة، كما ثبت ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما وعكرمة، وجاء هذا عن عبد الله بن الزبير ومسروق بن الأجدع ومجاهد والضحاك وغيرهم، وهو قول أكثر أهل العلم.
قال الإمام ابن جرير الطبري في «تفسيره» (30/ 168): (اختلف أهل التأويل في هذه الليالي العشر, أي ليال هي؟ فقال بعضهم: هي ليالي عشر ذي الحجة.
ثنا ابن بشار ثنا ابن أبي عدي وعبدالوهاب ومحمد بن جعفر عن عوف عن زرارة عن ابن عباس قال: هي ليالي العشر الأول من ذي الحجة) ا. هـ.
ورواه أيضا بإسناد آخر فقال: حدثني يعقوب ثنا ابن علية أنا عوف به) قد روى ابن جرير هذا القول عن ابن عباس من ثلاثة طرق عنه، وبعضها صحيح؛ أحدها هذا, وهو من طريق أربعة كلهم من الثقات المشاهير - وهم: ابن أبي عدي وعبدالوهاب ومحمد بن جعفر وابن علية - عن عوف - وهو ابن أبي جميلة الأعرابي - قال: حدثنا زرارة بن أوفى قال: قال ابن عباس: ... فذكره.
والتصريح بالتحديث إنما وقع في رواية ابن علية دون باقي الروايات، وابن علية من كبار الحفاظ. (
ثم قال: (حدثني يونس أنا ابن وهب أخبرني عمر بن قيس عن محمد بن المرتفع عن عبدالله بن الزبير (وليال عشر) أول ذي الحجة إلى يوم النحر) ا. هـ.) هذا الإسناد لا يصح، عمر بن قيس الأقرب أنه المكي المعروف بسندل، فقد ذكر في ترجمته أن ابن وهب يروي عنه، وشيخه أيضا مكي، وهذا يؤيد كون عمر بن قيس هو المكي المعروف بسندل، وهو متروك، أما محمد بن المرتفع فهو القرشي العبدري، وثقه الإمام أحمد، وقال: روى عنه ابن جريح وابن عيينة. وقال ابن سعد: ثقة قليل الحديث. وذكره ابن حبان في «الثقات»، وذكره البخاري في «التاريخ الكبير» وقال: (سمع ابن الزبير (
ورواه أيضا عن مسروق) أخرج عبد الرزاق في «المصنف» (8120) عن معمر عن الأعمش عن أبي الضحى قال: سئل مسروق عن (لفجر وليال عشر) قال: هي أفضل أيام السنة.
قلت: وهذا إسناد لا بأس به.
ورواه ابن جرير الطبري في «التفسير» (30/ 169): حدثنا ابن عبد الأعلى حدثنا ابن ثور عن معمر عن أبي إسحاق عن مسروق ... فذكره.
قلت: وهذا إما أن يكون اختلاف على معمر, فإن كان كذلك فالإسناد الأول هو الأصح؛ لأن عبدالرزاق أثبت الناس في معمر أو من أثبتهم فيه.
وإما أن يكون لمعمر في هذا الخبر إسنادان. (
وعكرمة ومجاهد) قال ابن جرير: (حدثنا ابن عبدالأعلى ثنا ابن ثور عن معمر عن يزيد بن أبي زياد عن مجاهد قال: ليس عمل في ليال من ليالي السنة أفضل منه في ليالي العشر، وهي عشر موسى التي أتمها الله له) ا. هـ.
هذا الإسناد فيه ضعف من أجل يزيد بن أبي زياد, فإنه لا يحتج به, ولكن يتسامح في مثل هذا, وما جاء عن رسول الله r في هذا فيه الغنية والكفاية. (
وقتادة والضحاك.
ثم قال: (حدثني يونس أنا ابن وهب قال: قال ابن زيد في قوله تعالى: (وليال عشر) قال: أول ذي الحجة, وقال: هي عشر المحرم من أوله).
¥