ويحافظُ على الأذكار المشروعة عند الاستيقاظ وهي معلومةٌ مبثوثةٌ في مظانِّها من كتب الأذكار.
ومما ينبغي التنبيه إليه أن ثمة أحكاماً شرعيةً وسنناً نبويةً ربما غفلنا عنها مع أنها مبثوثةٌ في أقرب الكتب متناولاً كهدي النبي ? في قيام الليل وكذكرِ أدعية الاستفتاح وأنواعٍ من أدعية الركوع والقيام منه والسجود والجلوس بينه ونحو ذلك من الأحوال. ومن أحسن من تكلم عليها الإمام العلامة ابن القيم رحمه الله في كتابه الشهير المبارك: زاد المعاد في هدي خير العباد.
ومما ينبغي لقائم الليل: أن يستغل ذلك الوقت المبارك وقتَ السحر بالدعاء والاستغفار.
قال ?: (ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له)
متفق عليه.
فإذا أذن المؤذن لصلاة الفجر استُحِب لمن سمعه أن يقول مثل ما يقول المؤذن لقوله ?: ((إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول. ثم صلوا علي. فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا. ثم سلوا الله لي الوسيلة. فإنها منزلةٌ في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله. وأرجو أن أكون أنا هو. فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة)) رواه مسلم
وهذا فضل عظيم كبير يناله العبد بهذا العمل اليسير، فاللهم لك الحمد على عظيم فضلك وإحسانك.
ثم فإذا فرغ من ذلك سُنَّ له أداءُ ركعتي الفجر وهي أهم السنن الرواتب على الإطلاق لمحافظة النبي ? عليها سفراً وحضراً.
روى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: ((لم يكن النبي ? على شيء من النوافل أشد تعاهداً منه على ركعتي الفجر)).
وفي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها أيضاً: قال رسول الله ? ((ركعتا الفجر خير من الدنيا من الدنيا وما فيها))
ويستحبُّ تخفيفُ القراءة فيها، قالت عائشة رضي الله عنها: كان يخففها حتى أقول: هل قرأ الفاتحة أم لا؟ متفق عليه.
ومن السنة قراءة سورتي الإخلاص في ركعتي الفجر: ففي الأولى سورة الكافرون، وفي الثانية ?قُلْ هُوَ ?للَّهُ أَحَدٌ? كما جاء ذلك في حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وعن ابن عباس رضي الله عنهما: " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يقرأ في ركعتي الفجر: في الأولى منهما: {قُولُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وما أنزل إلينا…} الآية .. [البقرة 136]، وفي الآخرة منهما: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ} [آل عمران64] والحديثان في صحيح مسلم.
والأفضل في سنة الفجر وغيرها من السنن، أن تُصلى في البيت لا في المسجد والأحاديث في ذلك كثيرةٌ في الصحيحين وغيرها.
ويُستحب لمن صلى سنة الفجر في بيته أن يضطجع على شقه الأيمن قليلاً تأسياً بالنبي ? كما ثبت ذلك في الصحيحين من فعله ?.
واحذر -رعاك الله- من التمادي في تلك الضجعة فتستلذ للراحة وتذهب عليك الجماعة، ومن طريف ما يذكر في ذلك: أن إماماً معروفاً قدِم من سفر هو ومؤذن المسجد قبيل الفجر وقد بلغ منهم التعب مبلغاً فأخذا ناحية من المصلى الخلفي للمسجد وصليا سنة الفجر بعد أن أذن المؤذن ثم أراد أن يطبقا سنة الاضطجاع، فما استيقظا إلا قبيل الظهر!!
ويُشرع قضاء ركعتي الفجر لمن فاته أداؤها قبل الفجر، ولا بأس بقضائها بعد الفجر مباشرة أو تأخيرها إلى طلوع الشمس، والأمر في ذلك واسعٌ بحمد الله.
ثم يذهب إلى المسجد لشهود صلاة الجماعة وفي ذلك أجرٌ عظيم، والأدلة على ذلك كثيرة مشهورة اقتصر منها على حديثين صحيحين فقط.
أما أولهما: فحديثُ بريدة ? مرفوعاً: (بشر المشائين في الظُلَم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة) رواه أبو داود.
وأما الآخر: فقصةٌ يرويها لنا الصحابي الجليل أبيُ بن كعب ? وأرضاه فيقول:
كان رجل من الأنصار لا أعلم أحداً أبعد من المسجد منه وكانت لا تخطئه صلاة، فقيل له: لو اشتريت حماراً تركبه في الظلما وفي الرمضاء، فقال الرجل: ما يسرني أن منزلي إلى جنب المسجد، إني أريد أن يُكتب لي ممشاي إلى المسجد ورجوعي إذا رجعت إلى أهلي فقال ?: قد جمع الله لك ذلك كله) رواه مسلم.
¥