تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

القول الأول: أنه يجب على المأموم أن يقرأ بفاتحة الكتاب وراء الإمام مطلقاً: سواء كانت الصلاة سرية أم كانت جهرية، وسواءً سمع قراءة الإمام في الجهرية أم لم يسمعها، وسواءً مكّنه الإمام من قراءة الفاتحة أم لم يمكنه، فالواجب عليه أن يقرأ بفاتحة الكتاب، وهذا القول مرويّ عن بعض أصحاب النبي-?- و-رضي الله عنهم أجمعين- فبهذا القول قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب-? وأرضاه-، واختاره عبادة بن الصامت، وكذلك أفتى به عبدالله بن عمرو بن العاص-رضي الله عن الجميع-، ويُحفظ هذا القول عن أبي هريرة- ? وأرضاه-، وهذا القول اختاره - من الأئمة - الإمام الشافعي في الجديد، حينما انتقل إلى مصر، واستقر مذهبه-رحمه الله- على هذا القول (أنه تجب قراءة الفاتحة على المأموم مطلقاً)، وقال به إسحاق بن راهويه، وهذا القول اختاره الإمام أبو عبدالله محمد بن إسماعيل البخاري - من المتقدمين -، كما اختاره الإمام الشوكاني من المتأخرين -رحمة الله على الجميع- واختاره أيضًا بعض أهل الحديث.

القول الثاني: لا يجب على المأموم أن يقرأ وراء الإمام بفاتحة الكتاب مطلقاً: سواءً كانت الصلاة سرية أم كانت جهرية، وشدّد بعض أصحاب هذا القول في الصلاة الجهرية أكثر من الصلاة السرية، حتى إن بعضهم أغلظ فيه حتى بين حرمة القراءة وراء الإمام إذا كانت الصلاة جهرية، وهذا القول محفوظ عن طائفة من أصحاب النبي -?- و-رضي الله عنهم أجمعين- فبهذا القول أفتى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وهو قول زيد بن حارثة، وجابر بن عبدالله، وسعد بن أبي وقاص، وعبدالله بن عباس، وعبدالله بن مسعود، وعبدالله بن عمر -رضي الله عن الجميع-، واختار هذا القول - من الأئمة الأربعة - الإمام أبوحنيفة النعمان، وكذلك الإمام أحمد في رواية أصحابه- رحمة الله على الجميع- (أنه لا يقرأ المأموم وراء الإمام سواءً كانت الصلاة سرية أم كانت جهرية).

والقول الثالث في المسألة: قالوا: إذا كانت الصلاة جهرية فإن المأموم ينصت ولا يقرأ، وإذا كانت الصلاة سرية فإنه يقرأ بفاتحة الكتاب، وهذا القول روى عن بعض أصحاب النبي-?- و -رضي الله عنهم أجمعين- ويحكى عن أبي الدرداء-? وأرضاه- واختاره الإمام مالك بن أنس، وكذلك بعض أصحاب الإمام أحمد، وعنه رواية بهذا القول.

فتحصل في هذه المسألة ثلاثة أقوال:

القول الأول: بوجوب قراءة القاتحة مطلقاً على المأموم في السرية والجهرية.

والقول الثاني: بعكسه (أعني عدم قراءة الفاتحة سواءً كانت الصلاة جهرية أم سرية).

والقول الثالث: بالتفصيل.

فأما الذين أوجبوا قراءة الفاتحة على المأموم فاحتجوا بأدلة:

الدليل الأول: ما ثبت في الصحيح عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((أَيُّمَا صَلَاةٍ لَا يُقْرَأُ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَهِيَ خِدَاجٌ ثُمَّ هِيَ خِدَاجٌ ثُمَّ هِيَ خِدَاجٌ)).

ووجه الدلالة من هذا الحديث: أن النبي-?- عمم في الحكم وقال: ((أَيُّمَا صَلَاةٍ))، و (أَيّ) عند علماء الأصول من الحروف التي تدل على العموم.

وقوله-?-: ((صَلَاةٍ)): نكرة تفيد العموم، ولم يفرق النبي-?- بين صلاة المأموم والإمام، ولم يفرق بين جهرية وسرية، والقاعدة في الأصول: " أن الأصل في العام أن يبقى على عمومه حتى يدل الدليل على التخصيص " قالوا ولو كان المأموم مستثنىً لقال-?-: إلا المأموم، أو إلا من كان يصلى وراء الإمام.

أما الدليل الثاني: عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ((لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ) ووجه الدلالة من هذا الحديث: أن النبي-?- قال: ((لَا صَلَاةَ))، وصلاة نكرة، والقاعدة في الأصول: " أن النكرة في سياق النفي تدل على العموم " فبين-?- أن الصلاة لا تصح، سواءً كانت من المأموم أم من المنفرد أم من الإمام إذا كان لم يقرأ صاحبها بفاتحة الكتاب، فدل على وجوب قراءة فاتحة الكتاب على المأموم. وقوله ?: ((لَا صَلَاةَ)) نفيٌ، والأصل في النَّفي أن يكون نفياً للوجود، فإنْ لم يمكن فهو نفيٌ للصحَّة، ونفيُ الصحَّة نفيٌ للوجود الشرعي، فإنْ لم يمكن فلنفي الكمال، فهذه مراتب النفي

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير