تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومنهم من لا يعذب فضلا من الله لأسباب كثيرة من أعمال صالحة ومن شفاعة الشفعاء، وفوق ذلك رحمته وفضله سبحانه وتعالى) اهـ (مجموع فتاويه).

(23) الغسل يوم الجمعة سنة مؤكدة.

السؤال:

هل غسل الجمعة واجب أم مستحب؟

الجواب:

(الغسل يوم الجمعة سنة مؤكدة؛ لما ورد في ذلك من الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم، منها: قوله صلى الله عليه وسلم: غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم وأن يستاك ويتطيب وقوله صلى الله عليه وسلم: من اغتسل ثم أتى الجمعة فصلى ما قدر له ثم أنصت حتى يفرغ الإمام من خطبته ثم يصلي معه غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى وفضل ثلاثة أيام رواه مسلم في صحيحه، وفي لفظ له: من توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى الجمعة فاستمع وأنصت غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى وزيادة ثلاثة أيام ومن مس الحصا فقد لغا مع أحاديث كثيرة في الباب.

وقوله صلى الله عليه وسلم: واجب على كل محتلم معناه عند أكثر أهل العلم: متأكد، كما تقول العرب: (العدة دين، وحقك علي واجب)، ويدل على هذا المعنى: اكتفاؤه صلى الله عليه وسلم بالوضوء في بعض الأحاديث.

وهكذا الطيب، والاستياك، ولبس الحسن من الثياب، والتبكير إلى الجمعة، كله من السنن المرغب فيها، وليس شيء منها واجبا) اهـ.

نشرت في جريدة البلاد في العدد (10708) ليوم الأحد الموافق 16/ 5 / 1413هـ وفي مجلة الدعوة في العدد (1355) بتاريخ 29/ 2 / 1413هـ وفي في كتاب الدعوة (الفتاوى) لسماحته الجزء الثاني ص 68.

(24) الجمع بين حديث: «إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه» (1) وقوله تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} (2)

س: يوجد حديث عند الإمام البخاري رحمه الله عن النبي صلى الله عليه وسلم «أن الميت يعذب ببكاء أهله عليه» (3). وحديث آخر عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها ترفض هذا القول وتقول: حسبكم القرآن: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} (4) فما جوابكم أثابكم الله عن هذه المسألة؟ هل الميت يعذب ببكاء أهله عليه، أم أنه ليس للإنسان إلا ما سعى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} (5)؟ (6).

الجواب:

(ليس هناك تعارض بين الأحاديث والآية التي ذكرتها عائشة -رضي الله عنها- فقد ثبت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من حديث ابن عمر ومن حديث المغيرة وغيرهما في الصحيحين وليس في البخاري وحده أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:

«إن الميت يعذب بما يناح عليه» (7)

وفي رواية للبخاري: "ببكاء أهله عليه" (8) والمراد بالبكاء النياحة وهي رفع الصوت، أما البكاء الذي هو دمع العين فهذا لا يضر، وإنما الذي يضر هو رفع الصوت بالبكاء وهو المسمى بالنياحة. والرسول -صلى الله عليه وسلم- قصد بهذا منع الناس من النياحة على موتاهم، وأن يتحلوا بالصبر ويكفوا عن النوح، ولا بأس بدمع العين وحزن القلب، كما قال عليه الصلاة والسلام -لما مات ابنه إبراهيم-:

«العين تدمع والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي الرب، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون» (9) فالميت يعذب بالنياحة عليه من أهله، والله أعلم بكيفية العذاب الذي يحصل له بهذه النياحة، وهذا مستثنى من قوله تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} (10) فإن القرآن والسنة لا يتعارضان، بل يصدق أحدهما الآخر ويفسر أحدهما الآخر فالآية عامة، والحديث خاص، والسنة تفسر القرآن وتبين معناه، فيكون تعذيب الميت بنياحة أهله عليه مستثنى من الآية الكريمة، ولا تعارض بينها وبين الأحاديث.

وأما قول عائشة -رضي الله عنها- فهذا من اجتهادها وحرصها على الخير، وما قاله النبي صلى الله عليه وسلم مقدم على قولها وقول غيرها لقول الله سبحانه: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} (11) وقوله عز وجل: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} (12) والآيات في هذا المعنى كثيرة.

والله الموفق) اهـ.


(1) صحيح البخاري الجنائز (1242).
(2) سورة الأنعام الآية 164
(3) صحيح البخاري الجنائز (1242).
(4) سورة الأنعام الآية 164
(5) سورة الأنعام الآية 164
(6) من برنامج (نور على الدرب).
(7) رواه الإمام أحمد في (مسند الكوفيين) من حديث المغيرة بن شعبة برقم (17737)، والبخاري في (الجنائز)، باب ما يكره من النياحة على الميت برقم (1291)، ومسلم في (الجنائز) باب الميت يعذب ببكاء أهله عليه برقم (933).
(8) رواه البخاري في (الجنائز) باب قول النبي صلى الله عليه وسلم -: ''يعذب الميت ببعض بكاء أهله عليه'' برقم (1288).
(9) رواه البخاري في (الجنائز) باب قول النبي صلى الله عليه وسلم -: ''إنا بك محزونون'' برقم (1303) واللفظ له، ومسلم في (الفضائل) باب رحمته صلى الله عليه وسلم الصبيان والعيال برقم (2315).
(10) سورة الأنعام الآية 164
(11) سورة الشورى الآية 10
(12) سورة النساء الآية 59

يتبع – إن شاء الله تعالى – بالعلامة ابن عثيمين، ثم العلامة الألباني، ثم العلامة الفوزان ....
والحمد لله رب العالمين.
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير