تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الْأَحَادِيثُ الَّتِي ذَكَرَهَا الْبُخَارِيُّ فِي الْقِرَاءَةِ هُنَا ثَلَاثَةٌ مُخْتَلِفَةُ الْمَقَادِيرِ لِأَنَّ الْأَعْرَافَ مِنْ السَّبْعِ الطِّوَالِ، وَالطُّورَ مِنْ طِوَالِ الْمُفَصَّلِ، وَالْمُرْسَلَاتِ مِنْ أَوْسَاطِهِ. وَفِي اِبْنِ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ اِبْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَرَأَ بِهِمْ فِي الْمَغْرِبِ بِاَلَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ، وَلَمْ أَرَ حَدِيثًا مَرْفُوعًا فِيهِ التَّنْصِيصُ عَلَى الْقِرَاءَةِ فِيهَا بِشَيْءٍ مِنْ قِصَارِ الْمُفَصَّلِ إِلَّا حَدِيثًا فِي اِبْنِ مَاجَهْ عَنْ اِبْنِ عُمَرَ نَصَّ فِيهِ عَلَى الْكَافِرُونَ وَالْإِخْلَاصِ، وَمِثْلُهُ لِابْنِ حِبَّانَ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ. فَأَمَّا حَدِيثُ اِبْنِ عُمَرَ فَظَاهِرُ إِسْنَادِهِ الصِّحَّةُ إِلَّا أَنَّهُ مَعْلُولٌ، قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: أَخْطَأَ فِيهِ بَعْضُ رُوَاتِهِ. وَأَمَّا حَدِيثُ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ فَفِيهِ سَعِيدُ بْنُ سِمَاكٍ وَهُوَ مَتْرُوكٌ، وَالْمَحْفُوظُ أَنَّهُ قَرَأَ بِهِمَا فِي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَاعْتَمَدَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَغَيْرُهُمْ حَدِيثَ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ " مَا رَأَيْت أَحَدًا أَشْبَه صَلَاةً بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ فُلَانٍ، قَالَ سُلَيْمَانُ: فَكَانَ يَقْرَأُ فِي الصُّبْحِ بِطِوَالِ الْمُفَصَّلِ وَفِي الْمَغْرِبِ بِقِصَارِ الْمُفَصَّلِ " الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ اِبْنُ خُزَيْمَةَ وَغَيْرُهُ. وَهَذَا يُشْعِرُ بِالْمُوَاظَبَةِ عَلَى ذَلِكَ، لَكِنْ فِي الِاسْتِدْلَالِ بِهِ نَظَرٌ يَأْتِي مِثْلُهُ فِي " بَابِ جَهْرِ الْإِمَامِ بِالتَّأْمِينِ " بَعْدَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ بَابًا. نَعَمْ حَدِيثُ رَافِعٍ الَّذِي تَقَدَّمَ فِي الْمَوَاقِيتِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَنْتَضِلُونَ بَعْدَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ يَدُلُّ عَلَى تَخْفِيفِ الْقِرَاءَةِ فِيهَا، وَطَرِيقُ الْجَمْعِ بَيْنَ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَحْيَانًا يُطِيلُ الْقِرَاءَةَ فِي الْمَغْرِبِ إِمَّا لِبَيَانِ الْجَوَازِ وَإِمَّا لِعِلْمِهِ بِعَدَمِ الْمَشَقَّةِ عَلَى الْمَأْمُومِينَ، وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ تَكَرَّرَ مِنْهُ، وَأَمَّا حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فَفِيهِ إِشْعَارٌ بِذَلِكَ لِكَوْنِهِ أَنْكَرَ عَلَى مَرْوَانَ الْمُوَاظَبَةَ عَلَى الْقِرَاءَةِ بِقِصَارِ الْمُفَصَّلِ، وَلَوْ كَانَ مَرْوَانُ يَعْلَمُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاظَبَ عَلَى ذَلِكَ لَاحْتَجَّ بِهِ عَلَى زَيْدٍ، لَكِنْ لَمْ يُرِدْ زَيْدٌ مِنْهُ فِيمَا يَظْهَرُ الْمُوَاظَبَةَ عَلَى الْقِرَاءَةِ بِالطِّوَالِ، وَإِنَّمَا أَرَادَ مِنْهُ أَنْ يَتَعَاهَدَ ذَلِكَ كَمَا رَآهُ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَفِي حَدِيثِ أُمِّ الْفَضْلِ إِشْعَارٌ بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأُ فِي الصِّحَّةِ بِأَطْوَلَ مِنْ الْمُرْسَلَاتِ لِكَوْنِهِ كَانَ فِي حَالِ شِدَّةِ مَرَضِهِ وَهُوَ مَظِنَّةُ التَّخْفِيفِ، وَهُوَ يَرُدُّ عَلَى أَبِي دَاوُدَ اِدِّعَاءَ نَسْخِ التَّطْوِيلِ لِأَنَّهُ رَوَى عَقِبَ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ مِنْ طَرِيقِ عُرْوَةَ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِالْقِصَارِ، قَالَ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى نَسْخِ حَدِيثِ زَيْدٍ، وَلَمْ يُبَيِّنْ وَجْهَ الدَّلَالَةِ، وَكَأَنَّهُ لَمَّا رَأَى عُرْوَةَ رَاوِيَ الْخَبَرِ عَمِلَ بِخِلَافِهِ حَمَلَهُ عَلَى أَنَّهُ اِطَّلَعَ عَلَى نَاسِخِهِ، وَلَا يَخْفَى بُعْدُ هَذَا الْحَمْلِ، وَكَيْفَ تَصِحُّ دَعْوَى النَّسْخِ وَأُمُّ الْفَضْلِ تَقُولُ: إِنَّ آخِرَ صَلَاةٍ صَلَّاهَا بِهِمْ قَرَأَ بِالْمُرْسَلَاتِ. قَالَ اِبْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ: هَذَا مِنْ الِاخْتِلَافِ الْمُبَاحِ، فَجَائِزٌ لِلْمُصَلِّي أَنْ يَقْرَأَ فِي الْمَغْرِبِ وَفِي الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا بِمَا أَحَبَّ، إِلَّا أَنَّهُ إِذَا كَانَ إِمَامًا اُسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يُخَفِّفَ فِي الْقِرَاءَةِ كَمَا تَقَدَّمَ ا ه. وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الْقُرْطُبِيِّ: مَا وَرَدَ فِي مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ مِنْ تَطْوِيلِ الْقِرَاءَةِ فِيمَا اِسْتَقَرَّ عَلَيْهِ التَّقْصِيرُ أَوْ عَكْسُهُ فَهُوَ مَتْرُوكٌ

انتهى كلام الحافظ رحمه الله

وحديث رافع الذي أشار إليه الحافظ لفظه

رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ قال

كُنَّا نُصَلِّي الْمَغْرِبَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَنْصَرِفُ أَحَدُنَا وَإِنَّهُ لَيُبْصِرُ مَوَاقِعَ نَبْلِهِ

والله أعلم وأحكم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير