تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

«قدم رسول الله صلى الله عليه وسلّم المدينة وأنا ابن أسبوعين، فأتي بي إليه فمسح على رأسي وقال: سموه باسمي ولا تكنوه بكنيتي» ورواية أبي زرعة عند أبي يعلى بلفظ «من تسمى باسمي فلا يكتني بكنيتي» واحتج للمذهب الثاني بما أخرجه البخاري في «الأدب المفرد» وأبو داود وابن ماجه وصححه الحاكم من حديث علي قال: «قلت يارسول الله إن ولد لي من بعدك ولد أسميه باسمك وأكنيه بكنيتك؟ قال نعم» وفي بعض طرقه «فسماني محمداً وكناني أبا القاسم» وكان رخصة من النبي صلى الله عليه وسلّم لعلي بن أبي طالب، روينا هذه الرخصة في «أمالي الجوهري» وأخرجها ابن عساكر في الترجمة النبوية من طريقه وسندها قوي، قال الطبري: في إباحة ذلك لعلي ثم تكنية علي ولده أبا القاسم إشارة إلى أن النهي عن ذلك كان على الكراهة لا على التحريم، قال ويؤيد ذلك أنه لو كان على التحريم أنكره الصحابة ولما مكنوه أن يكني ولده أبا اقاسم أصلاً، فدل على أنهم إنما فهموا من النهي التنزيه. وتعقب بأنه لم ينحصر الأمر فيما قال، فلعلهم علموا الرخصة له دون غيره كما في بعض طرقه، أو فهموا تخصيص النهي بزمانه صلى الله عليه وسلّم، وهذا أقوى لأن بعض الصحابة سمى ابنه محمداً وكناه أبا القاسم وهو طلحة بن عبيد وقد جزم الطبراني أن البخاري هو الذي كناه وأخرج ذلك من طريق عيسى بن طلحة عن ظئر محمد بن طلحة وكذا يقال لكنية كل من المحمدين ابن أبي بكر وابن سعد وابن جعفر بن أبي طالب وابن عبد الرحمن بن عوف وابن حاطب بن أبي بلتعة وابن الأشعث بن قيس أبو القاسم وأن آباءهم كنوهم بذلك، قال عياض: وبه قال جمهور السلف والخلف وفقهاء الأمصار، وأما ما أخرجه أبو داود من حديث عائشة «أن امرأة قالت: يارسول الله إني سميت ابني محمداً وكنيته أبا القاسم فذكر لي أنك تكره ذلك، قال: ما الذي أحل اسمي وحرم كنيتي» فقد ذكر الطبراني في «الأوسط» أن محمداً بن عمران الحجبي تفرد به عن صفية بنت شيبة عنها، ومحمد المذكور مجهول، وعلى تقدير أن يكون محفوظاً فلا دلالة فيه على الجواز مطلقاً، لاحتمال أن يكون قبل النهي. وفي الجملة أعدل المذاهب المذهب المفصل المحكي أخيراً مع غرابته. وقال الشيخ أبو محمد بن أبي جمرة بعد أن أشار إلى ترجيح المذهب الثالث من حيث الجواز: لكن الأولى الأخذ بالمذهب الأول فإنه ابرأ للذمة وأعظم للحرمة، والله أعلم. " أهـ

وقال المنذري: اختلف هل النهي عام أو خاص؟ فذهبت طائفة من السلف إلى أن التكني وحده بأبي القاسمٍ ممنوع كيف كان الاسم، وذهب آخرون من السلف إلى منع التكني بأبي القاسم، وكذلك تسمية الولد بالقاسم لئلا يكون سبباً للتكنية، لأن الشخص إذا سمي بالقاسم يلزم منه أن يكون أبوه أبا القاسم فيصير الأب مكنى بكنية رسول الله، صلى الله عليه وسلّم. وذهب آخرون إلى أن الممنوع الجمع بين التكنية والاسم، وأنه لا بأس بالتكني بأبي القاسم مجرداً ما لم يكن الاسم محمداً أو أحمد. وذهب أخرون وشذوا إلى منع التسمية باسم النبي صلى الله عليه وسلّم، حملة كيف ما كان يكنى. وذهب آخرون إلى أن النهي في ذلك منسوخ، وحكى القرطبي عن جمهور السلف والخلف وفقهاء الأمصار جواز كل ذلك، والحديث إما منسوخ وإما خاص به احتجاجاً بحديث علي، رضي الله تعالى عنه، رواه الترمذي وصححه، ولفظه: يا رسول الله! إن ولد لي بعدك غلام أسميه باسمك وأكنيه بكنيتك؟ قال: نعم ".

عمدة القارئ (15/ 36).

وقد عقد الطحاوي في هذا باباً وطول فيه من الأحاديث والمباحث الكثيرة. فأول ما روى حديث علي ـ رضي الله عنه ـ قال: قلت: يا رسول الله! إن ولد لي ولد أسميه بإسمك وأكنيه بكنيتك؟ قال: نعم. قال: وكانت رخصة من رسول الله صلى الله عليه وسلّم لعلي ـ رضي الله عنه ـ ثم قال: فذهب قوم إلى أنه لا بأس بأن يكتني الرجل بأبي القاسم، وأن يتسمى مع ذلك بمحمد، واحتجوا بالحديث المذكور. قلت: أراد بالقوم هؤلاء: محمد بن الحنفية ومالكاً وأحمد في رواية، ثم افترق هؤلاء فرقتين، فقالت فرقه، وهم محمد ابن سيرين وإبراهيم النخعي والشافعي: لا ينبغي لأحد أن يتكنى بأبي القاسم كان اسمه محمداً أو لم يكن، وقالت فرقة أخرى، وهم الظاهرية وأحمد في رواية: لا ينبغي لمن تسمى بمحمد أن يتكنى بأبي القاسم، ولا بأس لمن لم يتسم بمحمد أن يتكنى بأبي القاسم. وفي حديث الباب عن جابر على ما

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير